أو أنفيه من أرض الإسلام (١)؟
نعم ؛ كان عبد الله بن سبأ من جراثيم العيث والفساد ، وجذوم الكفر والإلحاد ، ولم يفتأ يتقلّب بين المسلمين بنواياه السيّئة وإن لم يثبت عنه المبدأ الشيوعيّ قطّ ، ولا إثارة الثائرين على عثمان إلاّ بمكتوبة السري ، عن شعيب ، عن سيف المكذوبة الساقطة التي لا قيمة لها في سوق الاعتبار (٢) فإنّ المسلمين خصوصاً الثائرين على عثمان والمتجمهرين عليه ، وهم جلّ الصحابة ـ لو لم نقل كلّهم ـ كما يأتي تفصيله في الجزء التاسع بإذن الله ـ وخصوصاً من لاث بمولانا أمير المؤمنين من علية الصحابة كأبي ذر وعمّار ومالك الأشتر وابني صوحان وأمثالهم ما كانوا يقيمون وزناً لنعرات أيّ ابن أُنثى تجاه ما اتّخذوه من مستقى الوحي ، فضلاً عن مثل ابن سبأ المعروف عندهم ملكاته ونزعاته في أمسه ويومه ذاك ، فأنّى يصيخون إلى ماله من هلجة وهم رجال الفكرة الصالحة في المجتمع الدينيّ ، ولم يُثبت التاريخ الصحيح اتّصال أحد منهم بهذا الرجل فضلاً عن تأثيره في نفسيّاتهم وإثارة الفتن في المجتمع الدينيّ بأيديهم ، وهلاّ كان خليفة الوقت أراح المسلمين من شرّه بتشتيت شمله وتمزيق جمعه ، كما فعله مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقطع عن أديم الأرض أُصول تلك النزعات الوبيلة بإلقاء الدخان على حامليها ، كما مرّ في الجزء السابع (ص ١٥٦) ، وذكره ابن حزم في الفصل (٤ / ١٨٦).
كلمتنا الأخيرة
لو درست الأساتذة حقيقة الشيوعيّة وما يهتفون به من أصولها وحقيقة أبي ذر العالم الصحابيّ ونظرائه وما يؤثر عنهم من قول وعمل وأحاديث جاءت فيهم عرفوا البون الشاسع بين المبدأين ، وإنّ مثل أبي ذر لا يكون شيوعيّا مهما أسفّ من
__________________
(١) راجع ما مرّ : ص ٢٩٨ ، ٣٠٦ من هذا الجزء. (المؤلف)
(٢) راجع : ص ٣٢٦ ـ ٣٢٨ من هذا الجزء. (المؤلف)