إليه حتى إذا ماصوه كما يماص الثوب (١) ، قال ابن منظور في ذيل الحديث : الناس شركاء فيما سقته السماء من الكلأ إذا لم يكن مملوكاً فلذلك عتبوا عليه.
كانت في اتّخاذ الخليفة الحمى جِدّة وإعادة لعادات الجاهليّة الأُولى التي أزاحها نبيُّ الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم وجعل المسلمين في الكلأ مشتركين ، وقال : «ثلاثة يبغضهم الله» ، وعدّ فيهم من استنّ في الإسلام سنّة الجاهليّة (٢). وكان حقّا على الرجل أن يحمي حمى الإسلام قبل حمى الكلأ ، ويتّخذ ما جاء به الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم سنّة متّبعة ولا يحيي سنّة الجاهليّة ، (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) (٣). ولكنّه ...
ـ ٢٩ ـ
إقطاع الخليفة فدك لمروان
عدّ ابن قتيبة في المعارف (٤) (ص ٨٤) ، وأبو الفداء في تاريخه (١ / ١٦٨) ممّا نقم الناس على عثمان إقطاعه فدك لمروان وهي صدقة رسول الله ، فقال أبو الفداء : وأقطع مروان بن الحكم فدك وهي صدقة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم التي طلبتها فاطمة ميراثاً ، فروى أبو بكر عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة ، ولم تزل فدك في يد مروان وبنيه إلى أن تولّى عمر بن عبد العزيز فانتزعها من أهله وردّها صدقة.
وأخرج البيهقي في السنن الكبرى (٦ / ٣٠١) من طريق المغيرة حديثاً في فدك
__________________
(١) راجع الفائق للزمخشري : ٢ / ١١٧ [٣ / ٧٧] ، نهاية ابن الأثير : ١ / ٢٩٨ ، و ٤ / ١٢١ [١ / ٤٤٧ و ٤ / ٣٧٢] ، لسان العرب : ٨ / ٣٦٣ و ١٨ / ٢١٧ [٣ / ٣٤٩ و ١٣ / ٢٢٣] ، تاج العروس : ١٠ / ٩٩. (المؤلف)
(٢) بهجة النفوس للحافظ الأزدي ابن أبي جمرة : ٤ / ١٩٧. (المؤلف)
(٣) فاطر : ٤٣.
(٤) المعارف : ص ١٩٤ ـ ١٩٥.