معاده (١) (٢ / ٢٦) ، فإن كان لأمّ المؤمنين هذا الحكم الخاصّ ، وجب أن تكون أُمومتها منتزعة من أُبوّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإنّ ثبوت الحكم في الأصل أولى من الفرع ، لكن رسول الله كان يصلّي في أسفاره عامّة ركعتين ، وليس من الهيّن تغيير حكم الله بأمثال هذه السفاسف ، ولا من السهل نحت العذر لكلّ من يخالف حكماً من أحكام الدين لرأي ارتآه ، أو غلط وقع فيه ، أو لسياسة وقتيّة حدته إليه ، ولا ينقضي عجبي من العلماء الذين راقتهم أمثال هذه التافهات فدوّنوها في الكتب ، وتركوها أساطير من بعدهم يهزأ بها.
٥ ـ إنّ التقصير للمسافر رخصة لا عزيمة ، ذكره جمع ، وقال المحبّ الطبري في الرياض (٢) (٢ / ١٥١) : عذره في ذلك ظاهر ، فإنّه ممّن لم يوجب القصر في السفر. وتبعه في ذلك شرّاح صحيح البخاري ، وهذا مخالف لنصوص الشريعة ، والمأثورات النبويّة ، والسنّة الشريفة الثابتة عن النبيّ الأقدس ، وكلمات الصحابة ، وإليك نماذج منها :
١ ـ عن عمر : صلاة السفر ركعتان ، والجمعة ركعتان ، والعيد ركعتان تمام غير قصر على لسان محمد. وفي لفظ : على لسان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (٣).
مسند أحمد (١ / ٣٧) ، سنن ابن ماجة (١ / ٣٢٩) ، سنن النسائي (٣ / ١١٨) ، سنن البيهقي (٣ / ١٩٩) ، أحكام القرآن للجصّاص (٢ / ٣٠٨ ، ٣٠٩) ، المحلّى لابن حزم (٤ / ٢٦٥) ، زاد المعاد هامش شرح المواهب (٢ / ٢١) فقال : ثابت عن عمر.
٢ ـ عن يعلى بن أُميّة قال : سألت عمر بن الخطّاب قلت (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) (٤) الآية. وقد أمن الناس؟ فقال : عجبت ممّا عجبت منه ،
__________________
(١) زاد المعاد : ١ / ١٢٩.
(٢) الرياض النضرة : ٣ / ٨٩.
(٣) مسند أحمد : ١ / ٦٢ ح ٢٥٩ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٣٣٨ ح ١٠٦٣ ، السنن الكبرى : ١ / ٥٨٤ ح ١٨٩٨ ، أحكام القرآن : ٢ / ٢٥٢ ، زاد المعاد : ١ / ١٢٨.
(٤) النساء : ١٠١.