ـ ٧ ـ
الملائكة تُكلّم عمر بن الخطّاب
أخرج البخاري في كتاب المناقب (١) باب مناقب عمر عن أبي هريرة قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : لقد كان فيمن قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلّمون من غير أن يكونوا أنبياء ، فإن يكن من أُمّتي منهم أحد فعمر.
وأخرج في الصحيح (٢) بعد حديث الغار عن أبي هريرة قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّه قد كان فيما مضى قبلكم من الأُمم محدّثون ، إن كان في أُمّتي هذه منهم فإنّه عمر ابن الخطّاب. أسلفنا ألفاظ هذه الرواية في الجزء الخامس (٤٢ ـ ٤٦) ، ومرّ هناك عن القسطلاني قوله : ليس قوله ـ فإن يكن ـ للترديد بل للتأكيد كقولك : إن يكن لي صديق ففلان ؛ إذ المراد الاختصاص بكمال الصداقة لا نفي الأصدقاء. إلى آخره.
قال الأميني : أنا لست أدري ما الغاية في حديث الملائكة مع عمر؟ أهي محض إيناسه باختلاف الملك إليه وتكليمه إيّاه؟ أم هي إقالة عثراته ، وتسديد خطاه ، وردّ أخطائه وتعليمه ما لم يعلم؟ حتى لا يكون خليفة المسلمين خلواً عن جواب مسألة ، صفراً عن حلّ معضلة ، ولا يفتي بخلاف الشريعة المطهّرة ، ولا يرمي القول على عواهنه ، إن كانت للمحادثة المزعومة غاية معقولة فهي هذه لا غيرها ، إذاً فراجع الجزء السادس وتتبّع الخطى ، وتروّ في الأخطاء ، واسمع مالا يعني ، وانظر إلى التافهات ، وعندنا أضعاف ما هنالك لعلّ بعض الأجزاء الآتية يتكفّل بعضها إن شاء الله تعالى ، فهل هذا الملَك طيلة صدور ما في نوادر الأثر في الجزء السادس منه كان في
__________________
(١) صحيح البخاري : ٣ / ١٣٤٩ ح ٣٤٨٦.
(٢) صحيح البخاري : ٣ / ١٢٧٩ ح ٣٢٨٢.