فكان يؤذّن له عليها (١) ، أو موضع عند سوق المدينة بقرب المسجد كما ذكره الحموي أيضاً ، أو حجر كبير عند باب المسجد على ما جزم به ابن بطّال كما في فتح الباري (٢ / ٣١٥) ، وعمدة القاري (٣ / ٢٩١). فالنداء في الزوراء على كلّ حال كالنداء في باب المسجد في مدى الصوت ومبلغ الخبر ، فأيّ جدوى في هذه الزيادة المخالفة للسنّة؟
ثمّ إنّ كثرة الناس على فرضها في المدينة هل حصلت فجائيّة في السابعة من خلافة عثمان؟ أو أنّ الجمعيّة كانت إلى التكثّر منذ عادت عاصمة الخلافة الإسلاميّة؟ فما ذلك الحدّ الذي أوجب مخالفة السنّة أو ابتداع نداء ثالث؟ وهل هذه السنّة المبتدعة يجري ملاكها في العواصم والأوساط الكبيرة التي تحتوي أضعاف ما كان بالمدينة من الناس فيكرّر فيها الأذان عشرات أو مئات؟ سل الخليفة وأنصاره المبرّرين لعمله.
على أنّ كثرة الناس في المدينة إن كانت هي الموجبة للنداء الثالث فلما ذا أخذ فعل الخليفة أهل البلاد جمعاء وعمل به؟ ولم يكن فيها التكثّر ، وكان على الخليفة أن ينهاهم عنه وينوّه بأنّ الزيادة على الأذان المشروع تخصّ بالمدينة فحسب ، أو يؤخذ بحكمها في كلّ بلدة كثر الناس بها.
نعم ، فتح الخليفة باب الجرأة على الله فجاء بعده معاوية ومروان وزياد والحجّاج ولعبوا بدين الله على حسب ميولهم وشهواتهم والبادي أظلم.
ـ ٥ ـ
توسيع الخليفة المسجد الحرام
قال الطبري في تاريخه (٢) (٥ / ٤٧) في حوادث سنة (٢٦) الهجريّة : وفيها زاد
__________________
(١) فتح الباري لابن حجر : ٢ / ٣١٥ [٢ / ٣٩٤] ، عمدة القاري : ٣ / ٢٩١ [٦ / ٢١٢].(المؤلف)
(٢) تاريخ الأمم والملوك : ٤ / ٢٥١.