فقال عبد الرحمن بن عوف : ما من هذا شيء لك فيه عذر ، أمّا قولك : اتّخذت أهلاً ، فزوجتك بالمدينة تخرج بها إذا شئت ، وتقدم بها إذا شئت ، إنّما تسكن بسكناك.
وأمّا قولك : ولي مال بالطائف. فإنّ بينك وبين الطائف مسيرة ثلاث ليال وأنت لست من أهل الطائف.
وأمّا قولك : يرجع من حجّ من أهل اليمن وغيرهم فيقولون : هذا إمامكم عثمان يصلّي ركعتين وهو مقيم ؛ فقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ينزل عليه الوحي والناس يومئذٍ الإسلام فيهم قليل ، ثمّ أبو بكر مثل ذلك ، ثمّ عمر ، فضرب الإسلام بجرانه فصلّى بهم عمر حتى مات ركعتين. فقال عثمان : هذا رأي رأيته.
قال : فخرج عبد الرحمن فلقي ابن مسعود فقال : أبا محمد غيّر ما يُعلم؟ قال : لا. قال : فما أصنع؟ قال : اعمل أنت بما تعلم. فقال ابن مسعود : الخلاف شرّ ، قد بلغني أنّه صلّى أربعاً فصلّيت بأصحابي أربعاً. فقال عبد الرحمن بن عوف : قد بلغني أنّه صلّى أربعاً فصلّيت بأصحابي ركعتين ، وأمّا الآن فسوف يكون الذي تقول ، يعني نصلّي معه أربعاً.
أنساب البلاذري (٥ / ٣٩) ، تاريخ الطبري (٥ / ٥٦) ، كامل ابن الأثير (٣ / ٤٢) ، تاريخ ابن كثير (٧ / ١٥٤) ، تاريخ ابن خلدون (٢ / ٣٨٦) (١).
نظرة في رأي الخليفة :
قال الأميني : أنت ترى أنّ ما ارتكبه الرجل مجرّد رأي غير مدعوم ببرهنة ولا معتضد بكتاب أو سنّة ، ولم يكن عنده غير ما تترّس به من حججه الثلاث التي دحضها عبد الرحمن بن عوف بأوفى وجه حين أدلى بها ، بعد أن أربكه النقد ، وكان
__________________
(١) تاريخ الأُمم والملوك : ٤ / ٢٦٨ حوادث سنة ٢٩ ه ، الكامل في التاريخ : ٢ / ٢٤٤ حوادث سنة ٢٩ ه ، البداية والنهاية : ٧ / ١٧٣ حوادث سنة ٢٩ ه ، تاريخ ابن خلدون : ٢ / ٥٨٨.