أيضاً تغييره سنّة الله وسنّة رسوله بعد أن درست تاريخ حياته ، وسيرته المعربة عن نفسيّاته ، وهو وهم من شجرة واحدة اجتثّت من فوق الأرض مالها من قرار.
لكنّ العجب كلّه ممّن يرى هؤلاء ، وأمثالهم من سماسرة الشهوات والميول ، عدولاً بما أنّهم من الصحابة ، والصحابة كلّهم عدول عندهم ، وأعجب من هذا أن يُحتجّ في غير واحد من أبواب الفقه بقول هؤلاء وعملهم. نعم ، وافق شنّ طبقه.
ـ ١٢ ـ
رأي الخليفة في القصاص والدية
أخرج البيهقي في السنن الكبرى (٨ / ٣٣) من طريق الزهري : أنّ ابن شاس الجذامي قتل رجلاً من أنباط الشام ، فرُفِع إلى عثمان رضى الله عنه فأمر بقتله ، فكلّمه الزبير رضى الله عنه وناس من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فنهوه عن قتله ، قال : فجعل ديته ألف دينار. وذكره الشافعي في كتاب الأُم (١) (٧ / ٢٩٣).
وأخرج البيهقي من طريق الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر رضى الله عنه : أنّ رجلاً مسلماً قتل رجلاً من أهل الذمّة عمداً ، ورُفِع إلى عثمان رضى الله عنه فلم يقتله وغلّظ عليه الدية مثل دية المسلم.
وقال أبو عاصم الضحّاك في الديات (ص ٧٦) : وممّن يرى قتل المسلم بالكافر عمر بن عبد العزيز ، وإبراهيم ، وأبان بن عثمان بن عفّان ، وعبد الله ؛ رواه الحكم عنهم ، وممّن أوجب دية الذمّي مثل دية المسلم عثمان بن عفّان.
قال الأميني : إنّ عجبي مقسّم بين إرادة الخليفة قتل المسلم بالكافر ، وبين جعل عقل الكافر مثل دية المسلم ، فلا هذا مدعوم بحجّة ، ولا ذلك مشفوع بسنّة ، وأيّ خليفة هذا يزحزحه مثل الزبير ، المعروف سيرته والمكشوف سريرته ، عن رأيه في
__________________
(١) كتاب الأُم : ٧ / ٣٢١.