(وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ* وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ) (١) (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ) (٢).
فهؤلاء الأمويّون لم يكونوا في أمل الخليفة ولا أغنوا عنه شيئاً يوم ضحّى بنفسه وجاهه وملكه لأجلهم حتى قُتل من جرّاء ذلك ، ولا أحسب أنّهم مغنون عنه شيئاً غداً عند الله يوم لا يغني عنه مال ولا بنون.
ألا تعجب من خليفة لا يروقه إيثار نبيّه بني هاشم على سائر قريش ، وتدعوه عصبيّته العمياء إلى أن يعارض بمثل هذا التافه المخزي قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما أخرجه أحمد (٣) : «يا معشر بني هاشم والذي بعثني بالحقّ نبيّا لو أخذت بحلقة الجنّة ما بدأت إلاّ بكم» (٤)؟
ـ ٤١ ـ
تسيير الخليفة أبا ذر إلى الربذة
روى البلاذري (٥) : لمّا أعطى عثمان مروان بن الحكم ما أعطاه ، وأعطى الحارث ابن الحَكَم بن أبي العاص ثلاثمائة ألف درهم ، وأعطى زيد بن ثابت الأنصاري مائة ألف درهم جعل أبو ذر يقول : بشّر الكانزين بعذاب أليم ، ويتلو قول الله عزّ وجلّ : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٦) فرفع ذلك مروان بن الحكم إلى عثمان ، فأرسل إلى أبي ذر ناتلاً مولاه أن انته عمّا يبلغني
__________________
(١) الشعراء : ٩٠ ، ٩١.
(٢) هود : ٢٣.
(٣) مناقب عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : ص ١٢٢ ح ١٨٠.
(٤) الصواعق : ص ٩٥ [ص ١٦٠]. (المؤلف)
(٥) أنساب الأشراف : ٥ / ٥٢.
(٦) التوبة : ٣٤.