حتى يدخلوها من عند آخرهم ؛ أخرج أحمد في المسند (١) (١ / ٦٢) من طريق سالم بن أبي الجعد قال : دعا عثمان رضى الله عنه ناساً من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيهم عمّار بن ياسر فقال : إنّي سائلكم وإنّي أُحبّ أن تصدقوني ، نشدتكم الله أتعلمون أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يؤثر قريشاً على سائر الناس ، ويؤثر بني هاشم على سائر قريش؟ فسكت القوم ، فقال عثمان صلىاللهعليهوآلهوسلم : لو أنّ بيدي مفاتيح الجنّة لأعطيتها بني أُميّة حتى يدخلوا من عند آخرهم. إسناده صحيح رجاله كلّهم ثقات رجال الصحيح.
فكأنّ الخليفة يحسب أنّ الهرج الموجود في العطاء عنده سوف يتسرّب معه إلى باب الجنّة يحابي قومه بالنعيم كما حاباهم في الدنيا بالأموال ، فما حظى الخليفة بما أحبّ لهم في الدنيا يوم طحنهم بكلكله البلا ، وأجهزت عليهم المآثم والجرائم ، وأمّا الآخرة فإنّ بينهم وبين الجنّة لَسدّا بما اقترفوه من الآثام ، فلا أرى الخليفة يحظى بأُمنيّته هنالك ؛ ونحن لا نعرف نظريّة الخليفة في أمر الثواب والعقاب ؛ ولا ما يؤوّل به الآي الواردة فيهما في الذكر الحكيم ، ولا رأيه في الجنّة والنار وأهلهما ، (أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ) (٢) (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً) (٣) (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ* يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ) (٤) (كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) (٥) (كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ* وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ* نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ* الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) (٦)
__________________
(١) مسند أحمد : ١ / ١٠٠ ح ٤٤١.
(٢) المعارج : ٣٨.
(٣) الجاثية : ٢١.
(٤) الانفطار : ١٣ ـ ١٥.
(٥) المطفّفين : ٧.
(٦) الهمزة : ٤ ـ ٧.