هذا مروان :
فهلمّ معي إلى الخليفة نستحفيه الخبر عن هذا الوزغ اللعين في صلب أبيه وبعد مولده بما ذا استباح إيواءه وتأمينه على الصدقات والطمأنينة إليه في المشورة في الصالح العام؟ ولِمَ استكتبه وضمّه إليه فاستولى عليه؟ (١) ونصب عينيه ما لهج به النبيُّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما ناء به هو من المخاريق والمخزيات ، ومن واجب الخليفة تقديم الصلحاء من المؤمنين وإكبارهم شكراً لأعمالهم لا الاحتفال بأهل المجانة والخلاعة كمروان الذي يجب الإنكار والتقطيب تجاه عمله الشائن ، وقد جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من رأى منكراً فاستطاع أن يغيّره بيده فليغيّره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع بلسانه فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان» (٢) ، وقال مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام : «أدنى الإنكار أن تلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرّة».
وهب أنّ الخليفة تأوّل وأخطأ لكنّه ما هذا التبسّط إليه بكلّه؟ وتقريبه وهو ممّن يجب إقصاؤه ، وإيواؤه وهو ممّن يستحقُّ الطرد ، وتأمينه وهو أهل بأن يُتّهم ، ومنحه أجزل المنح من مال المسلمين ومن الواجب منعه ، وتسليطه على أعطيات المسلمين ومن المحتّم قطع يده عنها؟
أنا لا أعرف شيئاً من معاذير الخليفة في هذه المسائل ـ لعلّ لها عذراً وأنت تلومها ـ لكنّ المسلمين في يومه ما عذروه وهم الواقفون على الأمر من كَثب ، والمستشفّون للحقائق الممعنون فيها ، وكيف يعذره المسلمون ونصب أعينهم قوله عزّ من قائل : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى
__________________
(١) كما ذكره أبو عمر في الاستيعاب [القسم الثالث / ١٣٨٧ رقم ٢٣٧٠] ، وابن الأثير في أُسد الغابة : ٤ / ٣٤٨ [٥ / ١٤٤ ـ ١٤٥ رقم ٤٨٤١]. (المؤلف)
(٢) مرّ الحديث في : ص ١٦٥. (المؤلف)