وكان مروان يتربّص الدوائر على آل بيت العصمة والقداسة ، ويغتنم الفرص في إيذائهم. قال ابن عساكر في تاريخه (١) (٤ / ٢٢٧) : أبى مروان أن يُدفن الحسن في حجرة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : ما كنت لأدع ابن أبي تراب يُدفن مع رسول الله وقد دفن عثمان بالبقيع. ومروان يومئذٍ معزول يريد أن يرضي معاوية بذلك ، فلم يزل عدوّا لبني هاشم حتى مات. انتهى.
أيّ خليفة هذا يُجلب رضاه بإيذاء عترة رسول الله؟ ومن أولى بالدفن في الحجرة الشريفة من السبط الحسن الزكيّ؟ وبأيّ كتاب وبأيّة سنّة وبأيّ حقّ ثابت كان لعثمان أن يدفن فيها؟ ومن جرّاء ذلك الضغن الدفين على بني هاشم ، كان ابن الحكم يحثُّ ابن عمر على الخلافة والقتال دونها. أخرج أبو عمر من طريق الماجشون وغيره : أنّ مروان دخل في نفر على عبد الله بن عمر بعد ما قُتل عثمان رضى الله عنه فعرضوا عليه أن يبايعوا له قال : وكيف لي بالناس؟ قال : تقاتلهم ونقاتلهم معك. فقال : والله لو اجتمع عليّ أهل الأرض إلاّ فدك ما قاتلتهم ، قال : فخرجوا من عنده ومروان يقول :
والمُلك بعد أبي ليلى لمن غلبا (٢)
لما ذا ترك الوزغ سنّة الانتخاب الدستوري في الخلافة بعد انتهاء الدور إلى سيّد العترة؟ وما الذي سوّغ له ذلك الخلاف؟ وحضّ ابن عمر على الأمر ، وتثبيطه على القتال دونه ، بعد إجماع الأُمّة وبيعتهم مولانا أمير المؤمنين؟ نعم : لم يكن من اليوم الأوّل هناك انتخاب صحيح قطُّ ، ورأي حرّ لأهل الحلّ والعقد ، أنّى كان ثمّ أنّى؟
والمُلك بعد أبي الزهرا لمن غلبا
__________________
(١) تاريخ مدينة دمشق : ١٣ / ٢٨٧ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٧ / ٤١.
(٢) الاستيعاب ترجمة عبد الله بن عمر [القسم الثالث / ٩٥٢ رقم ١٦١٢]. (المؤلف)