فأنت من أنت؟ قال : قلت : أنا الأحنف بن قيس. قال : قم عنّي لا أعدك بشرّ. فقلت له : كيف تعدني بشرّ؟ قال : إنّ هذا ـ يعني معاوية ـ نادى مناديه ألاّ يجالسني أحد.
وأخرج أبو يعلى من طريق ابن عبّاس قال : استأذن أبو ذر عثمان فقال : إنّه يؤذينا ، فلمّا دخل قال له عثمان : أنت الذي تزعم أنّك خير من أبي بكر وعمر؟ قال : لا ، ولكن سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «إنّ أحبّكم إليّ وأقربكم منّي من بقي على العهد الذي عاهدته عليه وأنا باقٍ على عهده» (١) قال : فأمره أن يلحق بالشام ، وكان يحدّثهم ويقول : لا يبيتنّ عند أحدكم دينار ولا درهم إلاّ ما ينفقه في سبيل الله أو يعدُّه لغريم. فكتب معاوية إلى عثمان : إن كان لك بالشام حاجة فابعث إلى أبي ذر. فكتب إليه عثمان : أن اقدم عليّ فقدم.
راجع (٢) : الأنساب (٥ / ٥٢ ـ ٥٤) ، صحيح البخاري في كتابي الزكاة والتفسير ، طبقات ابن سعد (٤ / ١٦٨) ، مروج الذهب (١ / ٤٣٨) ، تاريخ اليعقوبي (٢ / ١٤٨) ، شرح ابن أبي الحديد (١ / ٢٤٠ ـ ٢٤٢) ، فتح الباري (٣ / ٢١٣) ، عمدة القاري (٤ / ٢٩١).
كلمة أمير المؤمنين
لمّا أُخرج أبو ذر إلى الربذة
«يا أبا ذر إنّك غضبت لله فارجُ من غضبت له ، إنّ القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك ، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه ، واهرب منهم بما خفتهم عليه ، فما أحوجهم إلى ما منعتهم ، وما أغناك عمّا منعوك ، وستعلم من الرابح غداً ، والأكثر
__________________
(١) حديث العهد أخرجه أحمد في مسنده [١ / ٣٢١ ح ١٦٩٨]. (المؤلف) [والعيني في عمدة القاري : ٨ / ٢٦٢]
(٢) صحيح البخاري : ٢ / ٥٠٩ ح ١٣٤١ ، ٤ / ١٧١١ ح ٤٣٨٣ ، الطبقات الكبرى : ٤ / ٢٢٩ ، مروج الذهب : ٢ / ٣٥٧ ـ ٣٦٠ ، تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٧١ ـ ١٧٢ ، شرح نهج البلاغة : ٣ / ٥٢ ـ ٥٩ خطبة ٤٣ ، فتح الباري : ٣ / ٢٧٤ ، عمدة القاري : ٨ / ٢٦٢ ح ١١.