قولي الشافعي : أنّ الإحرام من الميقات أفضل ، ونقل تصحيحه عن الأكثرين والمحقّقين ، وبه قال أحمد وإسحاق ، وحكى ابن المنذر فعله عن عوام أهل العلم بل زاد مالك عن ذلك فكرة تقدّم الإحرام على الميقات ، قال ابن المنذر : وروينا عن عمر أنّه أنكر على عمران بن حصين إحرامه من البصرة ، وكره الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح ومالك الإحرام من المكان البعيد. انتهى.
وعن أبي حنيفة رواية ؛ أنّه إن كان يملك نفسه عن الوقوع في محظور فالإحرام من دويرة أهله أفضل ، وإلاّ فمن الميقات ، وبه قال بعض الشافعيّة.
وشذّ ابن حزم الظاهري (١) فقال : إن أحرم قبل هذه المواقيت وهو يمرُّ عليها فلا إحرام له إلاّ أن ينوي إذا صار [إلى] (٢) الميقات تجديد إحرام. وحكاه عن داود وأصحابه (٣) وهو قول مردود بالإجماع قبله على خلافه قاله النووي ، وقال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أنّ من أحرم قبل أن يأتي الميقات فهو محرم ، وكذا نقل الإجماع في ذلك الخطابي وغيره. انتهى.
وذكر الشوكاني في نيل الأوطار (٤) (٥ / ٢٦) جواز تقديم الإحرام على الميقات مستدلاّ عليه بما مرّ في قوله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ). ثمّ قال :
وأمّا قول صاحب المنار : إنّه لو كان أفضل لما تركه جميع الصحابة ؛ فكلام على غير قانون الاستدلال ، وقد حكى في التلخيص أنّه فسّره ابن عيينة فيما حكاه عنه أحمد بأن ينشئ لهما سفراً من أهله ، ولكن لا يناسب لفظ الإهلال الواقع في حديث الباب ولفظ الإحرام الواقع في حديث أبي هريرة. انتهى.
__________________
(١) المحلّى : ٧ / ٧٠ المسألة ٨٢٢.
(٢) من المصدر.
(٣) في المصدر : وأصحابهم.
(٤) نيل الأوطار : ٤ / ٣٣٥.