الإحرام. وقال الشافعي : الإحرام من الميقات أفضل بناءً على أصله أنّ الإحرام ركن فيكون من أفعال الحجّ ، ولو كان كما زعم لما جاز تقديمه على الميقات ، لأنّ أفعال الحجّ لا يجوز تقديمها على أوقاتها (١) وتقديم الإحرام على الميقات جائز بالإجماع إذا كان في أشهر الحجّ ، والخلاف في الأفضليّة دون الجواز ، ولنا قوله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) ، وروي عن عليّ وابن مسعود أنّهما قالا : إتمامهما أن تحرم بهما من دُويرة أهلك. وروي عن أمّ سلمة ... إلى آخره.
وقال القرطبي في تفسيره (٢) (٢ / ٣٤٥) : أجمع أهل العلم على أنّ من أحرم قبل أن يأتي الميقات أنّه محرم ، وإنّما منع من ذلك من رأى الإحرام عند الميقات أفضل ، كراهية أن يضيّق المرء على نفسه ما وسّع الله عليه ، وأن يتعرّض بما لا يؤمن أن يحدث في إحرامه ، وكلّهم ألزمه الإحرام إذا فعل ذلك ، لأنّه زاد ولم ينقص.
وقال الحافظ أبو زرعة في طرح التثريب (٥ / ٥ ـ ٦) : قد بيّنا أنّ معنى التوقيت بهذه المواقيت منع مجاوزتها بلا إحرام إذا كان مريداً للنسك ، أمّا الإحرام قبل الوصول إليها فلا مانع منه عند الجمهور ، ونقل غير واحد الإجماع عليه ، بل ذهب طائفة من العلماء إلى ترجيح الإحرام من دُويرة أهله على التأخير إلى الميقات وهو أحد قولي الشافعي ، ورجّحه من أصحابه القاضي أبو الطيّب والروياني والغزالي والرافعي وهو مذهب أبي حنيفة ، وروي عن عمر وعليّ أنّهما قالا في قوله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) : إتمامهما أن تحرم بهما من دُويرة أهلك. وقال ابن المنذر : ثبت أنّ ابن عمر أهلّ من إيلياء يعني بيت المقدس ، وكان الأسود وعلقمة وعبد الرحمن وأبو إسحاق يحرمون من بيوتهم. انتهى. لكن الأصحّ عند النووي (٣) من
__________________
(١) لا صلة بين ركنيّة الإحرام وكونه من أفعال الحج وبين عدم جواز تقديمه على المواقيت كما زعمه ملك العلماء ، بل هو ركن يجوز تقديمه عليها لما مرّ من الأدلّة. (المؤلف)
(٢) الجامع لأحكام القرآن : ٢ / ٢٤٥.
(٣) شرح صحيح مسلم : ٧ / ٨٧.