المسلمين ، وتراه دفاعاً عن بيضة الإسلام المقدّس ، وكفاحاً للشيوعيّة الهدّامة ، وردماً لثلمة أتت على الدين من ذلك المبدأ التعس ، وكأنّها جاءت بقرني حمار (١) لمّا استشهدت على ما ارتأته بأقاويل أُناس زورٍ عن مواقف الحقّ والصدق.
شهود اللجنة :
لقد استشهدت اللجنة على ما أرادت بكلام الآلوسي وابني كثير وحجر ، كأنّها لم تجد في أبي ذر كلاماً لغير هؤلاء من ناصبي العداوة لأهل البيت وشيعتهم ، وما أذهلها ـ أو تذاهلت هي ـ عمّا قدّمناه من الكلمات فيه! وما كان أغناه عن الركون إلى هذه التافهات المختلقة المائنة! لكنّا نعذرها على ذلك لأنّها تتحرّى ما يدعم دعواها ، وما أشرنا إليه من الكلمات السابقة تنقض تلكم الدعوى وتدحرها ، ولذلك اقتصرت في النقل على بعض تلكم الكلم ، وإنّما أسقطت البعض الآخر ممّا لفّقوه للتهافت الظاهر بينها ، فكأنّها شعرت بذلك فحذفته ، وهي تحسب أنّ البحّاثة لا تراجع تلك الكتب ولا تقف على تناقضها ، أو أنّ الآراء لا مناقشة في حسابها ، وليس وراءها محاسب ولو بعد حين ، فنقول هاهنا : أمّا الآلوسي فإليك تمام كلامه في تفسيره (١٠ / ٨٧) قال في تفسير قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) :
أخذ بظاهر الآية فأوجب إنفاق جميع المال الفاضل عن الحاجة أبو ذر رضى الله عنه ، وجرى بينه لذلك وبين معاوية في الشام ما شكاه له إلى عثمان رضى الله عنه في المدينة ، فاستدعاه إليها فرآه مصرّا على ذلك حتى إنّ كعب الأحبار قال له : يا أبا ذر إنّ الملّة الحنيفيّة أسهل الملل وأعدلها ، وحيث لم يجب إنفاق كلّ المال في الملّة اليهوديّة وهي أضيق الملل وأشدّها كيف يجب فيها؟ فغضب رضي الله تعالى عنه وكانت فيه حدّة
__________________
(١) مجمع الأمثال : ١ / ٢٩٦ رقم ٨٧٣.