النصرانيّ صاحب جريدة الأخبار العراقيّة في سنتها العاشرة (١٣٦٨ ه) في عددها المتسلسل (٢٥٠٣) الصادر في جمادى الأولى ، فطفق يرقص لما هنالك من مكاء وتصدية ، والمسكين لا يعرف مبادئ الإسلام ولو عرفها لاتّبعها ، ولا مبالغ رجالات المسلمين ولو عرفهم لنزّههم وذبّ عنهم ، لكنّه حسب ما لفّقوه حقيقة راهنة وصبّها في بوتقة من القول هو أربى في إفادة ما حاولوه ، غير أنّه يطفو عليه القوارص واللواذع قال :
لكن أبا ذر الغفاري يعتقد أنّه يتعيّن على كلّ فرد أن ينفق في سبيل الله كلّ ما يفيض عن حاجته وحاجة أُسرته ، ولكن لم يُعرف أنّ أحداً من الصحابة شاطره هذا الرأي ، وإنّما عارض الكثير من عقلاء المسلمين وحكمائهم في هذا المبدأ ، فلا شكّ إذن في أنّ أبا ذر كان مخطئاً في رأيه ، ولا ينبغي اتّباعه بعد أن ثبت أنّه خطأ ، وأنّ رأيه لا يتّفق مع القرآن ولا السنّة ولا المبادئ الإسلاميّة وتعاليمها. انتهى.
ونحن هاهنا لا نعاتبه ولا نستعتبه ، أمّا الأوّل فإنّ الرجل كما قلناه بعيد عن كلّ ما يجب أن يقرب منه في أمثال هذه المباحث حتى يتسنّى له الحكم الباتّ فيها ، وإنّما أحسن ظنّه بأولئك المتقوّلين زاعماً أنّهم هم الأقرباء من المبادئ الإسلاميّة العرفاء بحقيقة ما حكموا به ، ولو كان الأمر كما زعم لكان الحقّ معهم ، وإن كان لنا أن نؤاخذه بأنّ مرحلة حسن الظنّ لا يكتفى بها في باب القضاء الحاسم على عظيم من عظماء الأُمّة ، فكان من واجبه أن يستفرغ وسعه في تحقيق تلكم المزاعم وهو في عاصمة من عواصم الإسلام ـ بغداد ـ وبمطلع الأكمة منه عاصمة الدنيا في العلم والدين ـ النجف الأشرف ـ وفيها العلماء ، والمؤلّفون ، والمحقّقون ، والجهابذة ، وعباقرة الوقت في كلّ جيل ، فكان من السهل عليه أن يستحفي الخبر هنالك أو هاهنا ، ولهذا لسنا نستعتبه لخروجه عن الطريقة المثلى في القضاء ، ونحن نعدّ هذه وأمثالها سيّئة من سيّئات اللجنة الحاكمة وهي المؤاخذة بها. وكأنّي بها وهي تحسب أنّها تحسن صنعاً ، وتبتهج بما نشرته من الحكم الساقط وقذف عظيم من عظماء الأُمّة بما تبرأ منه ساقة