وعبد الرحمن فقالا : قد وقع عليها الحدُّ. وأمّا عمر فالذي يظهر من قوله لعثمان صدقت. إلى آخره. وفعله من إجراء الجلد والاغتراب أنّه هزأ بهذا القول ، ولو كان مصدّقاً لما جلدها ، لكنّه جلدها وهي تستحقُّ الرجم كما مرّ في الجزء السادس.
ـ ٢٦ ـ
شراء الخليفة صدقة رسول الله
أخرج الطبراني في الأوسط (١) من طريق سعيد بن المسيب قال : كان لعثمان آذن ، فكان يخرج بين يديه إلى الصلاة ، قال : فخرج يوماً فصلّى والآذن بين يديه ثمّ جاء فجلس الآذن ناحية ولفّ رداءه فوضعه تحت رأسه واضطجع ووضع الدرّة بين يديه ، فأقبل عليّ في إزار ورداء وبيده عصا ، فلمّا رآه الآذن من بعيد قال : هذا عليّ قد أقبل ، فجلس عثمان فأخذ عليه رداءه ، فجاء حتى قام على رأسه فقال : اشتريت ضيعة آل فلان ولوقف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مائها حقّ ، أما إنّي قد علمت أنّه لا يشتريها غيرك. فقام عثمان وجرى بينهما كلام حتى ألقى الله عزّ وجلّ (٢) وجاء العبّاس فدخل بينهما ، ورفع عثمان على عليّ الدرّة ورفع عليّ على عثمان العصا ، فجعل العباس يسكّنهما ويقول لعليّ : أمير المؤمنين. ويقول لعثمان : ابن عمّك. فلم يزل حتى سكتا. فلمّا أن كان من الغد رأيتهما وكلّ منهما آخذٌ بيد صاحبه وهما يتحدّثان. مجمع الزوائد (٧ / ٢٢٦).
قال الأميني : يعلمنا الحديث أنّ الخليفة ابتاع الضيعة وماءها وفيه حقّ لِوقف رسول الله لا يجوز ابتياعه ، فإن كان يعلم بذلك ، وهو المستفاد من سياق الحديث حيث إنّه لم يعتذر بعدم العلم ، وهو الذي يلمح إليه قول الإمام عليهالسلام : وقد علمت أنّه لا يشتريها غيرك. فبأي مبرّر استساغ ذلك الشراء؟ وإن كان لا يعلم فقد أعلمه
__________________
(١) المعجم الأوسط : ٨ / ٣٦٣ ح ٧٧٤٠.
(٢) عبارة الطبراني في المعجم الأوسط : وجرى بينهما كلام لا أرده حتى ألقى الله.