الإمام عليهالسلام فما هذه المماراة والتلاحي ورفع الدرّة الذي اضطرّ الإمام إلى رفع العصا؟ حتى فصل بينهما العبّاس ، أو في الحق مغضبة؟ وهل يكون تنبيه الغافل أو إرشاد الجاهل مجلبةً لغضب الإنسان الديني؟ فضلاً عمّن يُقلّه أكبر منصّة في الإسلام.
وأحسب أنّ ذيل الرواية مُلصق بها لإصلاح ما فيها ، وعلى فرض صحّته فإنّه لا يجديهم نفعاً ، فإنّ الإمام عليهالسلام لم يألُ جهداً في النهي عن المنكر سواء ارتدع فاعله أو أنّه عليهالسلام يئس من خضوعِه للحقّ ، وعلى كلّ فإنّه عليهالسلام كان يماشيهم على ولاء الإسلام ولا يثيره إلاّ الحقّ إذا لم يُعمل به ، فيجري في كلّ ساعة على حكمها من مكاشفة أو ملاينة ، وهكذا فليكن المصلح المنزّه عن الأغراض الشخصيّة الذي يغضب لله وحده ويدعو إلى الحقّ للحقّ.
ـ ٢٧ ـ
الخليفة في ليلة وفاة أُمّ كلثوم
أخرج البخاري في صحيحه (١) في الجنائز باب يعذّب الميت ببكاء أهله ، وباب من يدخل قبر المرأة (٢ / ٢٢٥ ، ٢٤٤) ، بالإسناد من طريق فليح بن سليمان ، عن أنس ابن مالك ، قال : شهدنا بنت (٢) رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جالس على القبر ، فرأيت عينيه تدمعان فقال : «هل فيكم من أحد لم يقارف الليلة؟» فقال أبو طلحة ـ زيد بن سهل الأنصاري ـ : أنا ، قال : «فانزل في قبرها». قال : فنزل في قبرها فقبرها. قال ابن مبارك : قال فليح : أراه يعني الذنب. قال أبو عبد الله ـ يعني البخاري
__________________
(١) صحيح البخاري : ١ / ٤٣٢ ح ١٢٢٥ ، ص ٤٥٠ ح ١٢٧٧.
(٢) الصحيح عند شرّاح الحديث أنها أمّ كلثوم زوجة عثمان بن عفّان ، وجاء في لفظ أحمد [٤ / ١٠٦ ح ١٢٩٨٥] وغيره أنها رقيّة. وعقّبه السهيلي وقال : هو وهمٌ بلا شكّ. راجع الروض الأُنف : ٢ / ١٠٧ [٥ / ٣٦٢] ، فتح الباري : ٣ / ١٢٢ [٣ / ١٥٨] ، عمدة القاري : ٤ / ٨٥ [٨ / ٧٦ ح ٤٦]. (المؤلف)