لفظ : إنّها بنت عبد الله. وفي لفظ لابن ماجة والنسائي : إنّها مريم العالية. وفي موطّأ مالك (١) : إنّها حبيبة بنت سهل. وذكر البصريّون : أنّها جميلة بنت أُبي (٢). وجلّ هذه الألفاظ كلفظ البخاري والنسائي يخلو عن ذكر العدّة بحيضة ، فلا يخصّص حكم القرآن الكريم بمثل هذا.
على أنّه لو كان لها مقيل في مستوى الصدق والصحّة لما أصفقت الأئمّة على خلافها كما سمعت من كلمة ابن كثير.
وقد يعاضَد رأي الخليفة بما أخرجه الترمذي في صحيحه (١ / ١٤٢) عن الربيع بنت معوذ ـ صاحبة عثمان ـ أنّها اختلعت على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأمرها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو أُمرت أن تعتدّ بحيضة. قال الترمذي : حديث الربيع الصحيح أنّها أُمرت أن تعتدّ بحيضة. وبهذا اللفظ جاء في حديث سليمان بن يسار عن الربيع قالت : إنّها اختلعت من زوجها فأمرت أن تعتدّ بحيضة.
وقال البيهقي بعد رواية هذا الحديث : هذا أصحّ وليس فيه من أَمَرَها ولا على عهد النبيّ ، صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد روينا في كتاب الخلع أنّها اختلعت من زوجها زمن عثمان بن عفّان رضى الله عنه. ثمّ أخرج حديث نافع المذكور في صدر العنوان فقال : هذه الرواية تصرّح بأنّ عثمان رضى الله عنه هو الذي أمرها بذلك ، وظاهر الكتاب في عدّة المطلّقات يتناول المختلعة وغيرها ، فهو أولى وبالله التوفيق. انتهى (٣).
فليس للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في قصّة بنت معوذ حكم وما رفعت إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإنّما وقعت في عصر عثمان وهو الحاكم فيها ، وقد حرّفتها عن موضعها يد الأمانة على ودائع العلم والدين لتبرير ساحة عثمان عن لوث الجهل ، ولو كان لتعدّد القصّة وزن يقام عند
__________________
(١) موطّأ مالك : ٢ / ٥٦٤ ح ٣١.
(٢) راجع نيل الأوطار : ٧ / ٣٤ ـ ٣٧ [٦ / ٢٧٦ ـ ٢٧٨]. (المؤلف)
(٣) سنن البيهقي : ٧ / ٤٥١. (المؤلف)