قال الأميني : الوليد هو هذا الذي تسمع حديثه وسنوقفك في هذا الجزء والأجزاء الآتية إن شاء الله على حقيقته حتى كأنّك مطلّ عليه من أمَم ، تراه يشرب الخمر ، ويقيء في محرابه ، ويزيد في الصلاة من سَورة السكر ، ويُنتزع خاتمه من يده فلا يشعر به من شدّة الثمل ، وقد عرّفه الله تعالى قبل يومه هذا بقوله عزّ من قائل (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) سورة السجدة : (١٨) (١). وبقوله (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) (٢). وقال ابن عبد البرّ في الاستيعاب (٣) (٢ / ٦٢٠) : لا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن فيما علمت أنّ قوله عزّ وجلّ (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) نزلت في الوليد. وحكاها عنه ابن الأثير في أُسد الغابة (٤) (٥ / ٩٠).
فهل من الممكن أن يحوز مثله حنكة الولاية عن إمام المسلمين؟ فيحتنك النفوس ويستحوذ على الأموال ، ويستولي على النواميس والأعراض ، وتؤخذ منه الأحكام وتُلقى إليه أزمّة البسط والقبض في حاضرة المسلمين ، ويؤمّهم على الجمعة والجماعة؟ هل هذا شيء يكون في الشريعة؟ أعزب عنّي واسأل الخليفة الذي ولاّه وزبر الشهود عليه وتوعّدهم أو ضربهم بسوطه.
وهب أنّ الولاية سبقت منه لكنّ الحدّ الذي ثبت موجبه وليمَ على تعطيله ما وجه إرجائه إلى حين إدخال الرجل في البيت مجلّلاً بجبّة حبر وقاية له عن ألم السياط؟
ثمّ من دخل عليه ليحدّه دافعه المحدود بغضب الخليفة وقطع رحمه ، فهل كان
__________________
(١) راجع الجزء الثاني صفحة ٤٢ الطبعة الأولى و ٤٦ الطبعة الثانية. (المؤلف)
(٢) الحجرات : ٦.
(٣) الاستيعاب : القسم الرابع / ١٥٥٣ رقم ٢٧٢١.
(٤) أُسد الغابة : ٥ / ٤٥١ رقم ٥٤٦٨.