حنيفة بالشريعة والكرامة ، ومن كراماته : أنَّ الخضر عليهالسلام كان يجيء إليه كلّ يوم وقت الصبح ويتعلّم منه أحكام الشريعة إلى خمس سنين ، فلمّا توفّي أبو حنيفة ناجى الخضر ربّه قال : إلٰهي إن كان لي عندك منزلة فائذن لأبي حنيفة حتى يعلّمني من القبر على حسب عادته حتى أعلم شرع محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم على الكمال لتحصل لي الطريقة والحقيقة ، فنودي : أن اذهب إلى قبره وتعلّم منه ما شئت. فجاء الخضر وتعلّم منه ما شاء كذلك إلى خمس وعشرين سنة أخرى حتى أتمَّ الدلائل والأقاويل.
ثم ناجى الخضر ربّه وقال : يا إلٰهي ماذا أصنع ؟ فنودي : أن اذهب إلى صعالك (١) واشتغل بالعبادة إلى أن يأتيك أمري. إلى أن قال له : اذهب إلى البقعة الفلانيّة وعلّم فلاناً علم الشريعة. ففعل الخضر عليهالسلام ما أُمر ، ثم بعد مدّة ظهر في مدينة ما وراء النهر شابٌّ وكان اسمه أبا القاسم القشيريّ وكان يخدم أُمّه ويحترمها. إلى أن قال : فأمر الله الخضر أن اذهب إلى القشيريّ وعلّمه ما تعلّمت من أبي حنيفة رضياللهعنه لأنَّه أرضى أُمّه. فجاء الخضر إلى أبي القاسم وقال : أنت أردت السفر لأجل طلب العلم وقد تركته لرضا أُمّك وقد أمرني الله تعالى أن أجيء إليك كلَّ يوم على الدوام وأُعلّمك. فكلّ يوم يجيء إليه الخضر حتى ثلاث سنين وعلّمه العلوم التي تعلّم من أبي حنيفة في ثلاثين سنة ، حتى علّمه علم الحقائق والدقائق ودلائل العلم ، وصار مشهور دهره وفريد عصره ، حتى صنّف ألف كتاب وصار صاحب كرامة وكثر مريدوه وتلاميذه ، فكان له مريدٌ كبير متديِّنٌ لا يفارق الشيخ فعدَّ له الشيخ ألف كتاب من مصنّفاته ووضعه في الصندوق وأعطى لذلك المريد وقال : قد بدا لي أمرٌ فاذهب وارم هذا الصندوق في جيحون ، فحمل المريد الصندوق وخرج من عند الشيخ وقال في نفسه : كيف أرمي مصنّفات الشيخ في الماء ؟ لكن أذهب وأحفظ الكتب وأقول للشيخ : رميتها. وحفظ الكتب وجاء وقال للشيخ : رميت الصندوق في
___________________________________
(١) كذا ، وفي المصدر : صعانك.