قال (١) في ( ص ٢٣٠ ) : ثم إنَّ مثل هؤلاء لفرط تعصّبهم وعنادهم ليس مطمح نظرهم إلّا تفضيل أبي حنيفة ولو بما لا أصل له ، ولو بما يؤدّي إلى الكفر وليس عندهم علمٌ بفضائله الجمّة التي أُلّفت فيها الكتب (٢) فيرضون بالأكاذيب والافتراءات التي لا يرضاها الله ورسوله ولا أبو حنيفة نفسه ، ولو سمعها أبو حنيفة رضياللهعنه لأفتى بكفر قائلها وفي فضائل أبي حنيفة المقرّرة المحرّرة كفاية لمحبّيه ، ولا يحتاج في إثبات فضله إلى الأقوال الكاذبة المفتراة المؤدِّية إلى تنقيص الأنبياء ، ومن العجائب أنّه وقع للقهستاني مع فضله وجلالته شيء من ذلك ، فقال في شرح خطبة النقابة (٣) : إنّ عيسى إذا نزل عمل بمذهب أبي حنيفة كما ذكره في الفصول الستّة. وليت شعري ما الفصول الستّة ؟ وما الدليل على هذا القول ؟ فإنّا لله وإنّا إليه راجعون. إلى آخره.
وفي مفتاح السعادة (٤) ( ١ / ٢٧٥ و ٢ / ٨٢ ) : إنَّ أبا حنيفة رحمه الله تعالى رأى كأنّه ينبش قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ويجمع عظامه إلى صدره فهالته الرؤيا ، فقال ابن سيرين : هذه رؤيا أبي حنيفة. فقال : أنا أبو حنيفة. فقال ابن سيرين : اكشف عن ظهرك. فكشف فرأى خالاً بين كتفيه ، فقال : أنت الذي قال عليه الصلاة والسلام : يخرج في أمّتي رجلٌ يقال له أبو حنيفة بين كتفيه خالٌ يحيي الله تعالى ديني على يديه ، ثم قال ابن سيرين : لا تخف إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم مدينة العلم وأنت تصل إليها. فكان كما قال.
اقرأ وابك على أُمّة محمد المرحومة بأيّ أناس بُليت ، وبأيِّ خلق منيت ؟! ما حيلة الجاهل الغرّ وما ينجيه من هذه السخائف والأساطير ؟!
___________________________________
(١) الإشاعة لأشراط الساعة : ص ٢٤٣.
(٢) الكتب المؤلّفة في فضائل أبي حنيفة حوت بين دفّتيها لدة هذه الترّهات والأكاذيب المزخرفة وما أكثرها ! ولو لم يكن الباطل الذي لا أصل له مأخوذاً به فيها إذاً لم تلق منها باقية. ( المؤلف )
(٣) في المصدر : النقاية.
(٤) مفتاح السعادة : ١ / ٣١٣ ، ٢ / ١٩٣.