يرسف في القيود فقال : يا عامر اسمع منّي : أبلغ معاوية أنَّ دماءنا عليه حرامٌ. وأخبره أنّا قد أُومنّا وصالحناه فليتّق الله ولينظر في أمرنا. فقال له نحواً من هذا الكلام فأعاد عليه حُجرٌ مراراً. فدخل عامر على معاوية فأخبره بأمر الرجلين ، فقام يزيد بن أسد البجلي فاستوهب الرجلين وكان جرير بن عبد الله كتب في أمر الرجلين أنّهما من قومي من أهل الجماعة والرأي الحسن ، سعى بهما ساعٍ ظنينٌ إلى زياد وهما ممّن لا يحدث حدثاً في الإسلام ولا بغياً على الخليفة ، فلينفعهما ذلك عند أمير المؤمنين. فوهبهما له وليزيد بن أسد.
وطلب وائل بن حُجر في الأرقم الكندي فتركه.
وطلب أبو الأعور في عتبة بن الأخنس فوهبه له.
وطلب حمزة بن مالك الهمداني في سعيد بن نمران فوهبه له.
وطلب حبيب بن مسلمة في عبد الله بن حويّة التميمي فخلّى سبيله.
فقام مالك بن هبيرة فسأله في حُجر فلم يشفّعه فغضب وجلس في بيته ، فبعث معاوية هدبة بن فيّاض القضاعي من بني سلامان بن سعد والحُصين بن عبد الله الكلابي وأبا شريف البدّي ـ في الأغاني : أبا حريف البدري ـ فأتوهم عند المساء فقال الخثعمي حين رأى الأعور مقبلاً : يُقتل نصفنا وينجو نصفنا. فقال سعيد بن نمران : اللّهمّ اجعلني ممّن ينجو وأنت عنّي راضٍ. فقال عبد الرحمن بن حسان العنزي : اللّهمّ اجعلني ممّن تكرم بهوانهم وأنت عنّي راضٍ ، فطالما عرّضت نفسي للقتل فأبى الله إلَّا ما أراد. فجاء رسول معاوية إليهم بتخلية ستة وبقتل ثمانية (١) ، فقال لهم رسل معاوية ، ثم إنّا قد أُمرنا أن نعرض عليكم البراءة من عليّ واللعن له ، فإن فعلتم هذا تركناكم وإن أبيتم قتلناكم ، وإنَّ أمير المؤمنين يزعم أنَّ دماءكم قد حلّت له بشهادة أهل مصركم عليكم ، غير أنّه قد عفا عن ذلك فابرؤوا من هذا الرجل نخلِّ سبيلكم. قالوا : لسنا فاعلين. فأُمروا بقيودهم فحلّت ، وبقبورهم فحفرت ، وأُدنيت أكفانهم ،
___________________________________
(١) سيأتي ذكر أسماء سبعة ممن قُتل ، وسبعة ممن نجا.