فان (١) النهي عن النقض بحسب العمل لا يكاد يراد بالنسبة إلى اليقين وآثاره ، لمنافاته (٢) مع المورد.
فانه يقال : إنما يلزم (٣) لو كان اليقين ملحوظاً بنفسه وبالنظر
______________________________________________________
وأحكام ، لصحة الحكم ببقاء الأثر المرتب على اليقين بعد زواله. ولكن المفروض كون اليقين في مورد الصحيحة طريقاً محضاً ، وعليه فهذا التصرف لازم لا أنه بلا ملزم.
(١) تعليل لـ «لا محيص» وقد عرفت تقريبه بقولنا : «وذلك لأن اليقين في الصحيحة ... إلخ».
(٢) أي : لمنافاة النقض بحسب العمل مع مورد الصحيحة حيث يكون اليقين فيه طريقاً محضاً إلى الوضوء.
(٣) أي : انما يلزم المنافاة مع المورد. وهذا دفع الإشكال ، وحاصله : أن متعلق النقض وان كان مفهوم اليقين الّذي يقتضي الاستقلالية ، إلّا أنه يكتسب الآلية والطريقية من مصاديقه الخارجية ، وبيانه : أن اليقين الخارجي بكل شيء يكون مغفولاً عنه ، بحيث لا يرى المتيقن ـ بالكسر ـ إلّا نفس المتعلق من دون التفات إلى الصورة الذهنية التي هي متعلقات العلم حقيقة ، لكن المرئي وهو الصورة الذهنية ـ لمكان رؤية الخارج له ـ لا يرى إلّا خارجياً ، نظير الصورة المنعكسة في المرآة فان الرائي يرى نفسه وان كان المرئي حقيقة هو ظلُّه.
وبالجملة : فمصاديق اليقين كلها طرق وآلات لكشف متعلقاتها ، ولمّا كان وجود الطبيعي عين الأفراد ، فلا بد من كون الطبيعي كمصاديقه ليتحد معها وينطبق عليها ، فلا محالة تسري الآلية من المصاديق الخارجية إلى الطبيعي أعني اليقين الّذي أسند إليه النقض ، فيكتسب اليقين الكلي من أفراده المرآتية والطريقية ، فيكون اليقين الكلي الّذي يسند إليه النقض في ظاهر القضية ملحوظاً طريقاً. وبهذه العناية ينطبق نقض اليقين على المورد ، فكأنه قال : «لا تنقض المتيقن» وعلى هذا فالموضوع هو المتيقن لا اليقين.