وقد قام الدليل (١) على التقييد في الشك في الرابعة وغيره (٢) ،
______________________________________________________
(١) وهو رواية عمار الساباطي : قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن شيء من السهو في الصلاة ، فقال : ألا أعلمك شيئاً إذا صنعته ثم ذكرت أنك أتممت أو نقصت لم يكن عليك شيء؟ قلت : بلى ، فقال : إذا سهوت فابن علي الأكثر ، فإذا فرغت وسلّمت فقم وصلّ ما ظننت أنك نقصت ، فان كنت قد أتممت لم يكن عليك في هذه شيء ، وان ذكرت أنك نقصت كان ما صليت تمام ما نقصت» (١).
(٢) معطوف على الشك ، يعني : غير الشك في الرابعة من الشكوك الصحيحة
__________________
مقام العلم في التنجيز الموجب لكون العمل على طبق اليقين ، ومن المعلوم أن اليقين بعدم الإتيان بالرابعة يوجب فعل الركعة موصولة ، لا أن إتيانها موصولة قضية إطلاق الاستصحاب القابل للتقييد. وعليه فلا إطلاق في «النقض» أصلاً لا لفظياً ولا مقامياً حتى يتجه تقييده بأدلة صلاة الاحتياط ، بل الرواية كاشفة عن انقلاب وظيفة الشاك عن الحكم الواقعي الأوّلي ، وعدم جريان الاستصحاب فيه.
لكن الحق أن يقال : ان الاستصحاب وان كان لقيامه مقام العلم مقتضياً لوجوب الإتيان بالركعة المشكوكة موصولة كما في جبر النقيصة المعلومة ، لكن حكم العقل بإتيان المشكوكة موصولة معلّق على عدم تصرف الشارع في كيفية الإطاعة ، وبعد تصرفه فيها بأدلة صلاة الاحتياط والإتيان بالمشكوكة مفصولة لا مجال للعمل بما يقتضيه الاستصحاب ، وإطلاق ما دل على جبر ما نقص من الأجزاء موصولاً ، إذ تكون أدلة صلاة الاحتياط حاكمة على الإطلاق المزبور.
فالنتيجة : أن أدلة صلاة الاحتياط حاكمة على ما يقتضيه الاستصحاب ، وإطلاق ما دلّ على لزوم جبر نقص الصلاة بما يتصل بها.
وبالجملة : فالاستصحاب يثبت النقص ، وأدلة صلاة الاحتياط تبين كيفية جبره ، ولا تهافت بينهما أصلاً. وان أبيت عن الحكومة فلا أقل من اندراجهما في النص والظاهر ، فان أدلة صلاة الاحتياط نصّ في الانفصال وتلك ظاهرة في الاتصال.
__________________
(١) الوسائل ، ج ٥ ، الباب ٨ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث : ٣ ص ٣١٨