.................................................................................................
______________________________________________________
في الأجسام ، والعالم والمدرك في النفوس» (١) هذا.
ولكن ليس مقصود المصنف (قده) من هذين الاصطلاحين مفهومهما عند أهل المعقول ، وذلك لما حكاه المحقق المشكيني في موضعين من حاشيته عن مجلس درس المصنف ونقلناه في بحث المشتق من أن المراد بالخارج المحمول هو مطلق الأمور الاعتبارية ، لا خصوص ما ينتزع عن حاقّ الشيء كإمكان الإنسان ، بل يشمل الأعراض التي ليس لها ما يحاذيها في الخارج كالعدالة والفقاهة والوكالة ونحوها.
إذا عرفت هذين الأمرين ، فاعلم أن مثبتية الأصل إنما تكون فيما إذا كانت الواسطة مغايرة وجودا للمستصحب كالسواد والبياض ونحوهما من المحمولات بالضميمة التي لها ما بإزاء في الخارج وإن كانت قائمة بمعروضاتها ، فان كان لسواد جسم مثلا أثر شرعي لا يترتب على استصحاب الجسم أثر سواده.
والحاصل : أن مورد الأصل المثبت هو ما إذا كانت بين المستصحب والواسطة مغايرة وجودا. وأما إذا كان بينهما اتحاد وجودي بحيث تحمل الواسطة على المستصحب بالحمل الشائع لم يكن الاستصحاب لترتيب أثر الواسطة على المستصحب من الأصل المثبت أصلا ، ضرورة أن متعلق الحكم على ما ثبت في محله وإن كان هو الكلي ، لكنه بلحاظ وجوده ، لعدم قيام الملاكات الداعية إلى تشريع الأحكام بالطبائع بما هي ، بل بلحاظ وجودها ، ومن المعلوم أن الكلي موجود بعين وجود فرده سواء أكان منتزعا عن ذات الفرد كالإنسان المنتزع عن زيد مثلا ، أم منتزعا عن اتصافه بعوارض ليس لها ما بإزاء في الخارج ، بل هي متحدة وجودا مع معروضها كالفقيه والعادل والغنى والفقير ونحوها من العناوين الاشتقاقية التي لا يكون لمبادئها ما يحاذيها في الخارج.
وعليه فإذا شككنا في بقاء مائع على خمريته فاستصحاب خمريته لترتيب
__________________
(١) شرح المنظومة ، قسم المنطق ، ص ٣٠