.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
وأجاب عنه شيخنا المحقق العراقي (قده) بما محصله : أن التفكيك بين المقامين في محله ، لخروج السيرة الخبرية عن موضوع عمومات الردع ، لقيامها على تتميم الكشف وإثبات العلم بالواقع الموجب لخروج موردها عن تلك النواهي تخصصاً. وهذا بخلاف المقام ، لأن بناء هم على الأخذ بالحالة السابقة انما هو من جهة الأصلية في ظرف الجهل بالواقع لا الأمارية وتتميم الكشف ، فعملهم هنا لا يخرج عن كونه عملاً بغير العلم فيشمله عموم الردع. نعم لو أريد بعدم العلم عدم الحجة على الوظيفة الفعلية ولو ظاهرية لا عدم العلم بخصوص الواقع امتنع الردع هنا أيضا ، إلّا أنه خلاف ظهور مثل قوله تعالى : ـ ولا تقف ما ليس لك به علم ـ في عدم العلم بالواقع خاصة (١).
وبهذا التوجيه يندفع إشكال التهافت بين كلامي المصنف (قده). لكنه لا يخلو من خفاء ، ضرورة أن سيرة العقلاء على العمل بخبر الثقة وان كانت خارجة عن العمومات تخصصاً كما أفاده ، إلّا أنه لا يلتئم مع ما سلكه المصنف في بحث الخبر لإثبات التخصيص الّذي هو تصرف في عقد الحمل لا الوضع ، ومن المعلوم أن البحث عن كون التخصيص دورياً فرع شمول عمومات الردع لخبر الثقة موضوعاً.
مضافاً إلى : أن موضوع الآيات الناهية وان كان عدم العلم الظاهر في ما لا يكشف عن الواقع ، لكنه لا بد من التصرف فيه بإرادة مطلق الحجة ، ضرورة أن المرتكب للحرام جهلاً اعتماداً على مثل حديث الرفع ليس مؤاخذاً على ما ارتكبه قطعاً ، مع وضوح أن الوظائف المجعولة للشاك لا يعقل كشفها عن الواقع ولو كشفاً ناقصاً ، وحيث ان سياق الآية المباركة آبٍ عن التخصيص ، فلا بد من التصرف في العلم بإرادة مطلق الحجة منه وان كان فاقداً لجهة إحراز الواقع ، وعليه فما أفاده المحقق العراقي (قده) لم يظهر وفاؤه بدفع التنافي بين كلامي المصنف (قده) كما أورده الميرزا عليه.
__________________
(١) نهاية الأفكار ، ٤ ـ ٣٧