لعدم الشك فيها بعد اتصاف النّفس بها ، أو لعدم (١) كونها مجعولة ،
______________________________________________________
في النبوة بالمعنى الأول وجهين على سبيل منع الخلو ـ متقدمين آنفا بقولنا : «فان أريد بها المعنى الأول فلا يجري فيها الاستصحاب ... إلخ» ـ الأول : عدم الشك في بقائها ، الثاني : كونها من الصفات التكوينية ، فلا يجري فيها الاستصحاب ولو مع الشك في بقائها ، لاحتمال انحطاط النّفس عن تلك المرتبة العالية. وذلك لعدم كونها من المجعولات الشرعية ولا مما يترتب عليه حكم شرعي ، ومن المعلوم توقف جريان الاستصحاب على تحقق أحدهما. وضميرا «فيها ، بها» راجعان إلى «النبوة».
(١) معطوف على «لعدم الشك» وهذا إشارة إلى ثاني وجهي عدم جريان
__________________
غير قابلة للارتفاع» (١). كون النبوة بمعنى كمال النّفس من لوازم وجود شخص النبي ومما يستحيل انفكاكها عنه ، وقد علّله المحقق الأصفهاني (قده) بما ذكرناه في التوضيح من أنها درجة تحقق الكمال والمعرفة الشهودية ، لا درجة التخلق حتى يمكن زوالها.
لكن دعوى الاستحالة العادية هنا أولى من دعوى الاستحالة العقلية ، إذ لا ريب في أن هذه المرتبة من الكمال الموجب لتلقي الوحي منه تعالى فضل منه وعطاء يحبوه من يشاء من خلقه ، فالنبوة بهذا المعنى أيضا ملكه تعالى ينزعها ممن يشاء ويعطيها من يشاء ، فكما أن سلب الملكية الاعتبارية تحت حيطة قدرته تعالى ، كذلك سلب ذلك الكمال النفسانيّ الحاصل بممارسة أشق المجاهدات التي يعجز عنها غيره.
والحاصل : أن دعوى كون النبوة بهذا المعنى كالزوجية للأربعة من لوازم الذات أو ككمّه وكيفه من العوارض اللازمة لوجوده في هذه النشأة لا يخلو إثباتها من تكلف ، فان هذه الدرجة السامية كمال منّة منه تعالى عليه كجماله واستواء خلقه مما يعقل زوالها وإن لم تجر سنته على سلبها عن أوليائه ، فدعوى الاستحالة العادية أولى مما في المتن.
__________________
(١) حاشية الرسائل ص ٢٢٤