لا مجال له (١) في نفس النبوة إذا كانت ناشئة من كمال النّفس (٢) بمثابة يوحى إليها ، وكانت (٣) لازمة (*) لبعض مراتب كمالها ، إما (٤)
______________________________________________________
وعليه فلا يعقل الشك في بقاء النبوة بهذا المعنى حتى يستصحب ، هذا كله في اختلال الشك في البقاء.
وأما اختلال شرط الاستصحاب ، فلوضوح أن النبوة بهذا المعنى أمر تكويني لازم لمرتبة كمال النّفس ، فلو فرض محالا إمكان انحطاط النّفس عن تلك المرتبة لا يجري فيها الاستصحاب ، لعدم كونها مجعولا شرعيا كما هو ظاهر ، ولا موضوعا لحكم شرعي مهم ، إلّا في مثل نذر شيء له تعالى على تقدير بقاء هذه الصفة الكمالية لذلك النبي وعدم انحطاطها.
فان قلت : وجوب العمل بأحكام شريعته من آثار بقاء نبوته ، فكيف لا يكون لبقائها أثر شرعي؟
قلت : وجوب العمل بالأحكام ليس من آثار النبوة بهذا المعنى حتى يترتب على استصحابها ، إذ لو علم ببقائها بهذا المعنى لا يجب أيضا العمل بأحكام شريعته مع العلم بحدوث شريعة أخرى ناسخة بسبب بعث نبي آخر ، فوجوب العمل بالأحكام أثر بقاء النبوة بالمعنى الثاني أي المنصب الإلهي الّذي هو من سنخ الأمور الاعتبارية ، وهذا كما سيأتي يجري فيه الاستصحاب ويترتب عليه آثاره الشرعية.
هذا كله في حكم النبوة بمعنى الملكة القدسية الباقية ببقاء نفسه المطمئنة في العوالم والنشئات. وإن أريد بها المعنى الثاني فسيأتي حكم الاستصحاب فيه.
(١) أي : للاستصحاب ، وضمير «انه» للشأن.
(٢) هذا إشارة إلى النبوة بالمعنى الأول وهو ما ينشأ من كمال النّفس.
(٣) معطوف على «كانت» يعني : وكانت النبوة لازمة لبعض مراتب كمال النّفس.
(٤) بيان لوجه قوله : «لا مجال له» وقد ذكر لعدم المجال لجريان الاستصحاب
__________________
(*) ظاهر هذه الكلمة كصريحه في الحاشية : «فالنبوة صفة قائمة بنفس النبي