ليس (١) من نقض اليقين بالشك ، بل (٢) باليقين. وعدم (٣) رفع اليد عنه
______________________________________________________
الثاني : ما يستفاد من كلماته في الاستدلال بالأخبار وفي التنبيه الثاني من أن موضوع الاستصحاب هو نقض الحجة باللاحجة ، والأمارة المعتبرة حجة رافعة لهذا الموضوع ، وبيانه : أنه قد تقدم في الاستدلال بصحاح زرارة وغيرها كون قوله عليهالسلام : «فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك» إرشادا إلى قضية ارتكازية عقلائية وهي أنه لا ينبغي نقض اليقين لكونه أمرا مبرما بالشك لكونه موهونا ، ومن المعلوم أن التعليل بهذه الكبرى لا يختص باليقين والشك ، بل هو شأن كل حجة في قبال ما ليس بحجة ، فالمذموم عند العقلاء رفع اليد عن الدليل بغير الدليل. وحيث ان المفروض حجية الأمارة غير العلمية كخبر العدل والبينة كان نقض اليقين السابق بسبب الحجة مما ينبغي بنظرهم ، هذا.
والفرق بين هذين التقريبين واضح ، لابتناء الوجه الأول على أن مؤدى الأمارة حكم معلوم بعنوان ثانوي أي بعنوان ما قامت الأمارة عليه ، فيتحقق اليقين الناقض بقيام الأمارة ، وهذا بخلاف الوجه الثاني ، لعدم ابتنائه على إفادة الأمارة لليقين بالواقع بعنوان ثانوي ، وإنما يبتني على التصرف في اليقين والشك بإرادة الحجة واللاحجة منهما ، لأن العرف الملقى إليه خطاب «لا تنقض» لا يرى خصوصية في وصفي اليقين والشك ، لأن المناط عنده في عدم حسن النقض هو رفع اليد عن الحجة بما لا يكون حجة ، وحيث ان الأمارة حجة تعبدا فهي رافعة لموضوع الاستصحاب وإن لم تورث اليقين. ويرد على كلا الوجهين إشكال تقديم الأمارة على الاستصحاب مع أنه حجة أيضا ، وسيأتي التعرض له ولجوابه عند تعرض المصنف له.
(١) خبر «فان» و «بسبب» متعلق بـ «رفع» وضمير «خلافه» راجع إلى «اليقين» :
(٢) يعني : بل من نقض اليقين باليقين ، أي بالحجة الموجبة لليقين بعنوان ثانوي ، وهذا إشارة إلى أول الوجهين المتقدمين لتقريب الورود.
(٣) إشارة إلى إشكال ، وهو : أنه على تقدير الورود ـ المبني على إرادة الحجة