«وإلّا فانه على يقين ... إلخ»
______________________________________________________
ارتكازي ، لوضوح أن عدم نقض اليقين بخصوص الوضوء بسبب الشك فيه ليس من مرتكزات العقلاء بما هم عقلاء حتى يتجه التعليل به ، وعلى هذا فالصحيحة دليل على حجية الاستصحاب مطلقاً من دون اختصاصها بباب دون باب.
وما استظهره المصنف من الصحيحة موافق لما أفاده شيخنا الأعظم (قده) بقوله : «وتقرير الاستدلال : أن جواب الشرط في قوله عليهالسلام : وإلّا فانه على يقين محذوف قامت العلة مقامه لدلالته عليه ... وإقامة العلة مقام الجزاء لا تحصى كثرة في القرآن وغيره ، مثل قوله تعالى : فان تجهر بالقول فانه يعلم السر وأخفى أي فاعلم أنه غني عن جهرك ... وبعد إهمال تقييد اليقين بالوضوء ، وجعل العلة نفس اليقين يكون قوله عليهالسلام : ولا ينقض اليقين بمنزلة كبرى كلية للصغرى المزبورة».
فان قلت : الالتزام بحذف الجواب وقيام العلة مقامه خلاف الأصل ، ولا يصار إليه إلَّا بدليل ، فليكن جملة «فانه» هو الجزاء ، ولازمه اختصاص حجية الاستصحاب بباب الوضوء.
قلت : حذف الجواب وان كان خلاف الأصل ، لكن لا مناص من الالتزام به ، إذ لا يصح وقوع ما بعد «فانه» جزاءً للشرط ، لعدم ترتبه عليه ، فلا بد أن يكون نفس الجزاء محذوفاً ، أقيم غيره مقامه ، وقد صرّح بهذا علماء العربية ، فقال ابن هشام في المغني : «ويجوز حذف الجواب في غير ذلك ـ أي في غير موارد وجوب حذفه ـ نحو : فان استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أي فافعل ، ولو أن قرآناً سيرت به الجبال ، الآية أي : لما آمنوا به ، بدليل : وهم يكفرون بالرحمن ، لو تعلمون علم اليقين ، أي : لارتدعتم وما ألهاكم التكاثر ، ولو افتدى به ، أي : ما تقبل منه ... إلى أن قال : التحقيق أن من حذف الجواب مثل : من كان يرجو لقاء الله فان أجل الله لآتٍ ، لأن الجواب مسبب عن الشرط ، وأجل الله آتٍ سواء أوجد الرجاء أم لم يوجد ، وانما الأصل فليبادر بالعمل ، فان أجل الله لآت» (١)
__________________
(١) مغني اللبيب ، الطبعة الحديثة ، ص ٨٤٩ إلى ٨٥١