.................................................................................................
______________________________________________________
السببي زوال الشك في المسبب ، كما في المثال المعروف أعني غسل الثوب المتنجس بماء مستصحب الطهارة ، حيث ان الشك في بقاء نجاسة الثوب ناش عن الشك في طهارة الماء ونجاسته ، ولو كان الماء طاهرا لكان أثره الشرعي المستفاد من النصوص : «ما يغسل بالماء الطاهر طاهر» هو طهارة الثوب ، فطهارة الماء سبب شرعي لطهارة الثوب.
ولا عكس يعني : ليس نجاسة الماء أثرا شرعيا لنجاسة الثوب ، فان الملاقي وإن كان تابعا لحكم ملاقاة ، ومقتضى هذه التبعية نجاسة ما يلاقي النجس ، إلّا أن المقام أجنبي عن مسألة الملاقي للنجس ، للفرق بين تطهير المتنجس بالماء وبين ملاقاة الماء القليل للمتنجس ، إذ لو كان مطلق الملاقاة بينهما حتى بنحو الصّب للتطهير موجبا لانفعال القليل لتعذر التطهير به ، وانحصر التطهير في الكر ونحوه. وهذا اللازم واضح البطلان ، ويكشف بطلانه عن عدم كون انفعال القليل أثرا لنجاسة الثوب ، فالتسبب من طرف واحد ، فبقاء نجاسة الثوب لازم نجاسة الماء من أول الأمر ، لا نجاسته الحاصلة بالغسل.
وعلى هذا فبعد غسل الثوب بالماء وإن تحقق في كل منهما يقين وشك ، ولمتوهم أن يتوهم شمول دليل الاستصحاب لكل منهما على حد سواء ، لكن قد تقدم في بحث ورود الأمارة على الاستصحاب أن موضوع التعبد الاستصحابي «نقض اليقين بالشك» لا نفس اليقين والشك ، وحيث ان المراد باليقين الناقض هو الدليل ، فيتعين جريان الأصل في الماء ، وجريانه فيه يقتضي ترتيب آثار الطهارة السابقة ومنها معاملة الطهارة مع الثوب المتنجس المغسول به ، بحيث لو لم يعامل مع الثوب معاملة الطاهر لكان ذلك نقضا للاستصحاب الجاري في الماء ، ضرورة اقتضاء النهي عن نقض اليقين بطهارة الماء ترتيب جميع الآثار الشرعية المترتبة على طهارته التي منها طهارة الثوب المغسول به ، ويكون رفع اليد عن اليقين بنجاسة الثوب بحجة على الطهارة لا بالشك فيها.