السؤال الخامس : متى يجوز أن يعمل العامل الواحد في حالين وما ضابطه؟
والجواب : قد عرف ممّا تقدّم ؛ وهو إذا كانت إحدى الحالين متضمّنة للأخرى نحو : جاء زيد راكبا مسرعا.
السؤال السادس : هل يجوز التقديم والتأخير في الحالين أم لا؟
والجواب : أنّ الحال الأولى يجوز فيها ذلك لأنّ العامل فيها لفظيّ ؛ فلك أن تقول مع ما تقدّم : هذا أطيب بسرا منه رطبا ، وهو الأصل. ولا يجوز في الثانية التقديم لأنّ عاملها معنويّ ، والعامل المعنويّ لا يتصوّر تقديم معموله عليه.
السؤال السابع : كيف تصوّرت الحال في غير المشتقّ؟
والجواب : أنّه ليس لشرط الاشتقاق حجّة ، ولا قام عليه دليل ؛ ولهذا كان الحذّاق من النّحاة على أنّه لا يشترط ، بل كلّ ما دلّ على هيئة صحّ أن يقع حالا. ولا يشترط فيها إلّا أن تكون دالّة على معنى متحوّل ولهذا سمّيت حالا كما قال : [الرجز]
٧٧٦ ـ لو لم تحل ما سمّيت حالا |
|
وكلّ ما حال فقد زالا |
وكم من حال وردت جامدة نحو : «حتّى يتمثّل لي الملك رجلا» ، (هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً) [الأعراف : ٧٣] ، «مررت بهذا العود شجرا ثمّ مررت به رمادا» ، وتأويل ذلك بمشتقّ تعسّف ظاهر.
السؤال الثامن : إلى أي شيء وقعت الإشارة بقولهم : «هذا»؟
والجواب : أنّ متعلّق الإشارة هو الشيء الذي تتعاقب عليه هذه الأحوال وهو ما تخرجه النخل من أكمامها فيكون بلحا ثمّ سيابا ثمّ خلالا ثمّ بسرا إلى أن يكون رطبا. فمتعلّق الإشارة المحلّ الحامل لهذه الأوصاف. فالإشارة إلى شيء ثالث غير البسر والرّطب ، وهو حامل البسريّة والرّطبيّة ، أي : الحقيقة الحاملة لهذه الصّفات. ويدلّ على ذلك أنّك تقول : زيد قائما أخطب منه قاعدا ، وقال عبد الله بن سلام لعثمان : أنا خارجا أنفع منّي داخلا ؛ ولا إشارة ولا مشار إليه هنا ، وإنّما هو إخبار عن الاسم الحامل للصفات التي منها القيام والقعود والدخول والخروج. ولا يصحّ أن يكون متعلّق الإشارة صفة البسريّة ، ولا الجوهر بقيد تلك الصفة ؛ لأنّك لو أشرت إلى البسريّة أو الجوهر بقيدها لم يصحّ تقييده بحال الرّطبيّة ، فلم يبق إلّا أن تكون الإشارة إلى الجوهر الذي تتعاقب عليه الأحوال. وهو يبيّن لك بطلان قول من زعم أنّ متعلّق الإشارة في هذا هو العامل في «بسرا» فإنّ العامل إمّا ما تضمّنه «أطيب» من معنى الفعل ، وإمّا «كان» المقدّرة ، وكلاهما لا يصحّ تعلّق الإشارة به.