ملحوظة المعنى كما ذكرنا ، ومعناها متعلّق بالخبر. فليكن العطف على الخبر ليتّحد التعلّقان المعنويّ واللفظيّ.
الوجه الثاني : «أنّه معطوف لفظا ومعنى على الخبر ، وكأنّه قيل : أنت ومالك. وذلك على قول ابن خروف في «كلّ رجل وضيعته» (١) : إنّ الخبر العاطف والمعطوف لكونها بمنزلة (مع) ومجرورها» قاله ابن الصائغ. وفيه نظر لأمرين :
أحدهما : أنّه ليس المراد الإخبار عن الشخص بأنّه أعلم على الإطلاق ، وبأنّه مع مال ، لم يحل بينهما حائل.
والثاني : أنّ التفريع على هذا القول الضعيف إنّما يقتضي أن المعطوف عليه المبتدأ لا الخبر ، كما أنّه في «كلّ رجل وضيعته» كذلك. ثمّ المعروف عن ابن خروف أنّ الواو ومصحوبها أغنيا عن الخبر كإغناء الوصف في : أقائم الزيدان ، لا لأنهما الخبر.
الوجه الثالث : أنّه خبر لمبتدأ محذوف والتقدير : أنت أعلم وأنت ومالك ، فحذف المبتدأ لدلالة ما تقدّم عليه ؛ فالتقى واوان ، فحذفت الأولى لئلّا يدخل حرف على مثله قاله ابن الصائغ أيضا ؛ وفيه نظر ، لأنّه خلاف المعنى ؛ إذ معنى الكلام حينئذ : أنت أعلم من غيرك على الإطلاق ، وأنت ومالك مقرونان. ثمّ مثل هذا لا يسمّى خبرا إلّا بتجوّز ، على قول ابن خروف. ثم قال :
السؤال الثاني : وما معنى المعيّة في نحو : «أنت أعلم ومالك».
أقول : الصواب ما قدّمناه ، ومن أنّ معنى الواو هنا كمعنى الباء ، وهو قول الجرميّ ومن وافقه. وأمّا معنى المعيّة فبعيد ، وإن كان سيبويه قد ذكره ، ونصّه في ذلك : «فإنّما أردت : أنت أعلم مع مالك» (٢) انتهى. وقد يكون مراده تفسير ما يتحصّل من المعنى ؛ وذلك لأنّه ليس المراد الإخبار بأنّ المخاطب أعلم على الإطلاق ، بل إنّه إذا كان مع ماله ، كان أعلم كيف يدبّره ، أو أنّه إذا اعتبر مع ماله كان أعلم به. وفي كلام سيبويه من هذه التجوّزات ما لا خفاء به لمن وقف على كلامه ولهذا قال ابن النّحاس وغيره : إنّه خاطب بهذا الكتاب قوما قد اعتادوا المجازات والكنايات. ثمّ قال :
السؤال الثالث : وهل تجوّز النصب في نحو «كلّ رجل وضيعته» تجوّزه هنا أم لا؟ وما توجيه الجواز إن قيل به؟
__________________
(١) انظر الكتاب (٣٥٨ ، ٤٦٢).
(٢) انظر الكتاب (١ / ٣٦٠).