وعبد الله» (١) إذا جعلنا «أعلم» خبرا عن «أنت» ، و «عبد الله» مبتدأ حذف خبره وما المانع من ذكر الخبر إذا جعلنا الواو للمعيّة أو للعطف المحض.
وأقول : لم أقف لأحد ـ على القول بوجوب حذف الخبر في ذلك ـ غير ابن مالك. وهو مخالف لقولهم : إنّ الخبر لا يجب حذفه إلّا إذا سدّ شيء مسدّه. ولهذا ردّوا تجويز الأخفش في نحو «ما أحسن زيدا» ، أن تكون ما موصولة ، أو موصوفة ، وتجويز بعضهم في : نعم الرجل زيد ، كون المخصوص مبتدأ محذوف الخبر ، وقول الفارسيّ في «ضربي زيدا قائما» : إنّ الخبر مقدّر بعد الحال. ومن العجب أنّ ابن مالك من جملة من ردّ بذلك ، وذهل عنه هنا.
ثمّ إذا سلّم أنّ ذلك ليس بشرط استنادا إلى إعراب هؤلاء الأئمّة فقد يوجّه بأمرين :
أحدهما : أنّ «أعلم» لمّا كان صالحا للإخبار به عن الاثنين ، وكان تقدير «عبد الله» مقدّما على «أعلم» ممكنا ، صار وإن كان مبتدأ ، كأنّه معطوف ، و «أعلم» وإن كان خبرا عن «أنت» وحده ، كأنّه خبر عنهما معا ، فمنع ذلك ظهور خبر آخر. وهذا بخلاف نحو : زيد قائم وعمرو ، فإنّ الخبر المذكور لا يصلح للاسمين معا.
والثاني : أنّ المعنى هنا : أنت أعلم بعبد الله ، وذلك كلام تامّ لا يحتاج إلى خبر فكذا ما بمعناه وكلّ من الوجهين معترض.
أمّا الأوّل : فلاستلزامه وجوب الحذف في نحو : «زيد في الدار وعمرو» ، ولا قائل به. وفي الحديث : «أبو بكر في الجنّة وعمر في الجنّة» (٢) إلى آخره.
وأمّا الثاني : فمن وجهين أحدهما : اقتضاؤه وجوب الحذف على تقدير الواو للعطف المحض ، وإنّما المدّعى وجوبه مطلقا ، والثاني : أنّه إحالة لصورة المسألة ، فإنّ المدّعى جوازها على إضمار الخبر ، والتوجيه المذكور يقتضي أنّه لا خبر في اللفظ ، ولا في التقدير. ثمّ قال :
السؤال الخامس : وما وجه الحكم برجحان النصب على المعيّة على العطف في نحو «لا تتغذّ بالسمك واللبن ، ولا يعجبك الأكل والشّبع» مع أنّ المقصود فيها المعيّة مطلقا ، وليس العطف هنا بمقصود. وهلّا كان النصب متعيّنا لتأديته مراد المتكلّم وإخلال العطف بذلك.
__________________
(١) انظر الكتاب (١ / ٣٦٠).
(٢) أخرجه أبو داود في سننه (٥ / ٣٩) ، وابن ماجه في سننه (١ / ٤٨).