واقوهدّ ، وهو افوعلّ (ونحوه) قول الهذلىّ :
فشائع وسط ذودك مقبئنّا |
|
لتحسب سيّدا ضبعا تبول (١) |
مقبئنّا : منتصبا. فهذا مفعللّ كما ترى. وشبّه هذا المجوّز لأن يكون مهوأنّ بمنزلة مطمأنّ الواو فيه بالواو فى غوغاء وضوضاء ؛ وليس هذا من خطأ أهل الصناعة ؛ لأن غوغاء وضوضاء من ذوات تضعيف الواو ، بمنزلة ضوضيت وقوقيت. وقد يجوز من وجه آخر أن يكون واو مهوأنّ أصلا .. وذلك بأن يكون سيبويه قد سأل جماعة من الفصحاء عن تحقير مهوأنّ على الترخيم ، فحذفوا الميم وإحدى النونين ولم يحذفوا الواو البتّة ، مع حذفهم واو كوثر على الترخيم (فى قولهم) : كثير ، وحذفهم واو جدول ، وقولهم : جديل ، وامتنعوا من حذف واو مهوأنّ ، فقطع سيبويه بأنها أصل فلم يذكره. وإذا كان هذا جائزا ، وعلى مذهب إحسان الظنّ به سائغا ، كان فيه نصرة له و (تجميل لأثره) فاعرفه ؛ فتكون الواو مثلها فى ورنتل. وكذلك يمكن أن يحتجّ بنحو هذا فى فرانس وكنادر (٢) ؛ فتكون النون فيهما أصلا.
وأما عياهم (٣) فحاكيه صاحب العين ، وهو مجهول. وذاكرت أبا علىّ رحمهالله يوما بهذا الكتاب فأساء نثاه (٤). فقلت له : إن تصنيفه أصحّ وأمثل من تصنيف الجمهرة ، فقال : الساعة لو صنّف إنسان لغة بالتركيّة تصنيفا جيّدا (أكانت) تعتدّ عربيّة لجودة تصنيفها؟ أو كلاما هذا نحوه. وعلى أن صاحب العين أيضا إنما قال فيها : وقال بعضهم : عياهمة ، وعياهم ؛ كعذافرة وعذافر. فإن صحّ فهو فياعل ، ملحق بعذافر. وقلت فيه لأبى على : يجوز أن تكون العين فيه بدلا من همزة ؛ كأنه إياهم كأباتر وأحامر ، فقبل ذلك.
__________________
(١) البيت من الوافر ، وهو للأعلم الهذلى فى شرح أشعار الهذليين ١ / ٣٢٢ ، ولسان العرب (قنن) ، وبلا نسبة فى الدرر ٣ / ٢٥ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧٤. ويروى : مستقنا بدلا من مقبئنّا. الشّياع ، بالكسر : الدّعاء بالإبل لتنساق وتجتمع.
(٢) الكنادر : الغليظ القصير مع شدّة.
(٣) يقال : جمل عيهم وعيهام وعياهم : ماض سريع.
(٤) أساء نثاه : أساء وصفه وذكره.