فإذا دخلت على (يا) خلصت (ألا) افتتاحا وخصّ التنبيه بيا. وذلك كقول نصيب :
ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد |
|
فقد زادنى مسراك وجدا على وجد |
فقد صحّ بما ذكرناه إلى أن قادنا إلى هنا أن حذف الحروف لا يسوّغه القياس ؛ لما فيه من الانتهاك والإجحاف.
وأمّا زيادتها فخارج عن القياس أيضا.
وذلك أنه إذا كانت إنما جيء بها اختصارا وإيجازا كانت زيادتها نقضا لهذا الأمر ، وأخذا له بالعكس والقلب ؛ ألا ترى أن الإيجاز ضدّ الإسهاب ؛ وذلك لم يجز أبو الحسن توكيد الهاء المحذوفة من صلة الذى فى نحو (الذى ضربت زيد) ، فأفسد أن تقول : الذى ضربت نفسه زيد. قال : لأن ذلك نقض ؛ من حيث كان التوكيد إسهابا والحذف إيجازا. وذلك أمر ظاهر التدافع.
هذا هو القياس : ألا يجوز حذف الحروف ولا زيادتها. ومع ذلك فقد حذفت تارة ، وزيدت أخرى.
أمّا حذفها فكنحو ما حكاه أبو عثمان عن أبى زيد من حذف حرف العطف فى نحو قولهم : أكلت لحما ، سمكا ، تمرا. وأنشد أبو الحسن :
كيف أصبحت كيف أمسيت مما |
|
يزرع الودّ فى فؤاد الكريم (١) |
يريد : كيف أصبحت ، وكيف أمسيت. وأنشد ابن الأعرابىّ :
وكيف لا أبكى على علاتى |
|
صبائحى ، غبائقى ، قيلاتى (٢) |
أى صبائحى وغبائقى ، وقيلاتى. وقد يجوز أن يكون بدلا ؛ أى كيف لا أبكى
__________________
(١) البيت من الخفيف ، وهو بلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٨ / ١٣٤ ، والدرر ٦ / ١٥٥ ، وديوان المعانى ٢ / ٢٢٥ ، ورصف المبانى ص ٤١٤ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٣١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٤١ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٤٠. ويروى : يغرس بدلا من يزرع.
(٢) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (صبح) ، (غبق) ، (قيل) ، وتهذيب اللغة ٤ / ٢٦٦ ، ٩ / ٣٠٥ ، ١٦ / ١٥١ ، وديوان الأدب ٣ / ٣١٢ ، وتاج العروس (غبق) ، (قيل) ، ويروى : ما لى لا أسقى على علاتى بدلا من : وكيف لا أبكى على علاتى.