يريد المعلّى. وحكى أبو عبيدة وأبو الحسن وقطرب وغيرهم رأيت فرج ، ونحو ذلك. فإذا كانت هذه الحروف تتساقط وتهى عن حفظ أنفسها وتحمل خواصّها وعوانى (١) ذواتها ، فكيف بها إذا جشّمت احتمال الحركات النّيفات على مقصور صورها.
نعم ، وقد أعرب بهذه الصور أنفسها ، كما يعرب بالحركات التى هى أبعاضها.
وذلك فى باب أخوك وأبوك وهناك وفاك وحميك وهنيك والزيدان والزيدون والزيدين. (وأجريت) هذه الحروف مجرى الحركات فى زيد وزيدا وزيد ، ومعلوم أن الحركات لا تحمل ـ لضعفها ـ الحركات. فأقرب أحكام هذه الحروف إن لم تمنع من احتمالها الحركات أن إذا تحملتها جفت عليها وتكاءدتها (٢).
ويؤكّد عندك ضعف هذه الأحرف الثلاثة أنه إذا وجدت أقواهن ـ وهما الواو والياء ـ مفتوحا ما قبلهما فإنهما كأنهما تابعان لما هو منهما ؛ ألا ترى إلى ما جاء عنهم من نحو نوبة ونوب ، وجوبة وجوب (٣) ، ودولة ودول. فمجىء فعلة على فعل يريك أنها كأنها إنما جاءت عندهم من فعلة ؛ فكأنّ دولة دولة ، وجوبة جوبة ، ونوبة نوبة. وإنما ذلك لأن الواو ممّا سبيله أن يأتى تابعا للضمّة.
وكذلك ما جاء من فعلة مما عينه ياء على فعل ؛ نحو ضيعة وضيع ، وخيمة وخيم ، وعيبة وعيب (٤) ؛ كأنه إنما جاء على أنّ واحدته فعلة ؛ نحو ضيعة وخيمة وعيبة. أفلا تراهما مفتوحا ما قبلهما مجراتين مجراهما مكسورا ومضموما ما قبلهما ؛ فهل هذا إلا لأن الصنعة مقتضية لشياع الاعتلال فيهما.
__________________
٤ / ١٨٨ ، ولسان العرب (رجم) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٤٨ ، والممتع فى التصريف ٢ / ٦٢٢ ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٤٦٦ ، والدرر ٦ / ٢٩٨ ، ورصف المبانى ص ٣٦ ، وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٥٢٢ ، ٧٢٨ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٢٨٥ ، ٣٠٣ ، ٣٠٨ ، والمحتسب ١ / ٣٤١ ، والمقرب ٢ / ٢٩ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٥٧ ، وتاج العروس (رجم). وصدر البيت :
*وقبيل من لكيز شاهد*
(١) أى ذواتها العوانى أى الضعيفات.
(٢) يقال : تكاءده الأمر : شق عليه وصعب.
(٣) هى الحفرة : وفجوة ما بين البيوت.
(٤) هى وعاء من جلد يكون فيه المتاع.