يمنع ذلك أسامة وثعالة وذؤالة وأبا جعدة وأبا معطة ونحو ذلك أن تعدّ فى الأعلام وإن لم يخصّ الواحد من جنسه ، فكذلك لم لا يكون هيهات كما ذكرنا؟.
قيل : هذه الأعلام وإن كانت معنياتها نكرات فقد يمكن فى كل واحد منها أن يكون معرفة صحيحة ؛ كقولك : فرقت ذلك الأسد الذى فرقته ، وتبركت بالثعلب الذى تبرّكت به ، وخسأت الذئب الذى خسأته. فأمّا الفعل فممّا لا يمكن تعريفه على وجه ؛ فلذلك لم يعتدّ التعريف الواقع عليه لفظا سمة خاصّة ولا تعريفا.
وأيضا فإن هذه الأصوات عندنا فى حكم الحروف ، فالفعل إذا أقرب إليها ، ومعترض بين الأسماء وبينها ؛ أولا ترى أن البناء الذى سرى فى باب صه ومه وحيهلا ورويدا وإيه وأيها وهلم ونحو ذلك من باب نزال ودراك ونظار ومناع إنما أتاها من قبل تضمّن هذه الأسماء معنى لام الأمر ؛ لأن أصل ماصه اسم له ـ وهو اسكت ـ لتسكت ؛ كقراءة (١) النبىّ صلىاللهعليهوسلم «فبذلك فلتفرحوا» [يونس : ٥٨] وكذلك مه هو اسم اكفف ، والأصل لتكفف. وكذلك نزال هو اسم انزل ، والأصل : لتنزل.
فلما كان معنى اللام عائرا (٢) فى هذا الشق وسائرا فى أنحائه ، ومتصوّرا فى جميع جهاته دخله البناء من حيث تضمّن هذا المعنى ؛ كما دخل أين وكيف لتضمّنهما معنى حرف الاستفهام ، وأمس لتضمنه معنى حرف التعريف ، ومن لتضمنه معنى حرف الشرط ، وسوى ذلك. فأمّا أفّ وهيهات وبابهما مما هو اسم للفعل فمحمول فى ذلك على أفعال الأمر. (وكأنّ) الموضع فى ذلك إنما هو لصه ومه ورويد ونحو ذلك ، ثم حمل عليه باب أفّ وشتّان ووشكان (من حيث) كان اسما سمّى به الفعل.
وإذا جاز لأحمد وهو اسم معرفة علم أن يشبه ب (أركب) وهو فعل نكرة كان أن يشبه اسم سمّى به الفعل فى الخبر باسم سمّى به الفعل فى الأمر أولى ؛ ألا ترى أن كل واحد منهما اسم وأن المسمّى به أيضا فعل. ومع ذا فقد تجد لفظ
__________________
(١) يعنى بقراءة رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن المحدّثين نقلوها عنه ، ولم يدونها القراء من طرقهم. وهذا اصطلاح للمفسرين. انظر شهاب البيضاوى ٦ / ٣٣٧.
(٢) عائرا : مترددا.