الأمر فى معنى الخبر ؛ نحو قول الله تعالى : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) [مريم : ٢٨] ، وقوله عزّ اسمه (قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) [مريم : ٧٥] أى فليمدّنّ. ووقع أيضا لفظ الخبر فى معنى الأمر ؛ نحو قوله سبحانه (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها)(١) [البقرة : ٢٣٣] وقولهم : هذا الهلال. معناه : انظر إليه. ونظائره كثيرة.
فلما كان أفّ كصه فى كونه اسما للفعل كما أنّ صه كذلك ، ولم يكن بينهما إلا أن هذا اسم لفعل مأمور به ، وهذا اسم لفعل مخبر به ، وكان كل واحد من لفظ الأمر والخبر قد يقع موقع صاحبه ، صار كأن كل واحد منها هو صاحبه ، فكأن لا خلاف هناك فى لفظ ولا معنى. وما كان على بعض هذه القربى والشبكة ألحق بحكم ما حمل عليه ، فكيف بما ثبتت فيه ، ووقت عليه ، واطمأنت به. فاعرف ذلك.
ومما حذفت لامه وجعل الزائد عوضا منها فرزدق وفريزيد ، وسفرجل ، وسفيريج. وهذا باب واسع.
فهذا طرف من القول على ما زيد من الحروف عوضا من حرف أصلى محذوف وأما الحرف الزائد عوضا من حرف زائد فكثير. منه التاء فى فرزانة وزنادقة وجحاجحة. لحقت عوضا من ياء المدّ فى زناديق وفرازين وجحاجيح.
ومن ذلك ما لحقته ياء المدّ عوضا من حرف زائد حذف منه ؛ نحو قولهم فى تكسير مدحرج ، وتحقيره : دحاريج ، ودحيريج. فالياء عوض من ميمه. وكذلك جحافيل وجحيفيل : الياء عوض من نونه (٢). وكذلك مغاسيل ومغيسيل : الياء عوض من تائه (٣). وكذلك زعافير (٤) ، الياء عوض من ألفه ونونه.
وكذلك الهاء فى تفعلة فى المصادر عوض من ياء تفعيل أو ألف فعّال. وذلك
__________________
(١) وهو يريد قراءة «تضار» برفع الراء مشدّدة. وهى قراءة ابن كثير وأبى عمرو ويعقوب وأبان عن عاصم. وانظر البحر ٢ / ٢١٤.
(٢) أى نون جحنفل. وهو الغليظ الشفة.
(٣) أى تاء مغتسل ، بفتح التاء وهو موضع الاغتسال.
(٤) أى فى جمع زعفران.