عينا من قلبها واوا ، خلافا لمن ذهب إلى انّها تبقى ويكسر ما قبلها ، ورجّح كونها «فعولة» من : مان ؛ بأن مناسبتها لمأخذ اشتقاقها بالمباشرة ، بخلاف الثقل والتعب ، فان مناسبتها لهما لاقترانها بهما ، وهو في الغالب ـ ولو سلم دوامه ـ فلا شك انّ المباشرة أدخل في الاشتقاق مع ما في قول الفرّاء من كثرة التغيير.
(وأمّا منجنيق) فهي مؤنثة ـ سماعا ـ في الأكثر ؛ وقد يذكّر ، وقد يكسر ميمه ، وقالوا : انّها أعجمية معرّبة ، لعدم اجتماع الجيم والقاف في كلمة من كلامهم على ما يقال إلّا مع التعريب ؛ كالجوالق ـ للوعاء المعروف ـ ؛ والجلاهق ـ للحائك ـ ، والجردقة ـ للرغيفة ـ معرّب كردة ، أو حكاية الصوت كجلنبلق في : صوت باب ضخم عند فتحه وردّه ـ جلن علي حدة ، وبلق علي حدة ، وأصلها في الفارسية : «من چه نيك» أي ما أجودني ؛ كأنها لعظيم نفعها وجودتها تتعجّب من نفسها ؛ وتقول ذلك بلسان الحال ، فسمّوها به للأشعار بذلك.
ثمّ انّ الأكثر على اعتبار الزنة والأصلي والزائد ونحو ذلك في الألفاظ المعرّبة ، لتصرّف العرب فيها تكسيرا وتصغيرا ونحو ذلك ممّا يناسب موضوعاتهم ؛ فنزلت منزلتها ، ويعتبر في ذلك التطبيق على القياس في لغة العرب الالداع ، ولذلك لم يقولوا : في منجنيق انّها على «منعنيل» ـ بميم ونونين ـ و «مفعليل» ـ بلامين والفاء بعد الميم ـ لتأدية الأوّل إلى انحصار الأصلي منها في حرفين ؛ والخلوّ عن الفاء ، والثاني : إلى زيادة الميم مع أربعة اصول في غير الصفة الجارية على الفعل ؛ كمدحرج ، فيخالف القياس بلا داع ، بل يعتد فيها بما يقاس ؛ أو يشمل على داع إلى ارتكاب ما يخالف القياس.
(فإن اعتدّ) فيها(بجنقونا) ـ أي رمونا بالمنجنيق ـ ، وما ورد من تصاريفه كقولهم : نجنق مرّة ونرشق اخرى» (١) ؛ وجنّقوا تجنيقا ، «فمنفعيل» أي فهي ذلك
__________________
(١) هذا من كلام اعرابي وقد سئل : كيف كانت حروبكم؟ فقال ... نجنق : نرمي بالمجانيق ، ونرشق : نرمي بالسهام.