بذلك ، فجعل كل واحد منهما في قفص من خشب وحملهما الى مصر ، فلما وصلا الى المعزّ لدين الله أمر بحبس أبي المنجا وولده وقال للنابلسي : أنت الذي قلت لو أن معي عشرة أسهم لرميت تسعة في المغاربة وواحدا في الروم؟ فاعترف بذلك ، فأمر بسلخه ، فسلخ وحشي جلده تبنا وصلب.
ولما نزل القائد أبو محمود المقدّم على دمشق في عسكره اضطرب الناس وقلقوا ، وامتدت أيدي المغاربة في العيث والفساد في نواحي البلد ، وأخذ من يصادف في الطرقات والمسالك وكان صاحب الشرطة بعد القبض على أبي المنجّا قد أخذ انسانا وقتله ، فظهر الغوغاء وحملة السلاح ، وقتلوا أصحاب المسالح ، وكثر من يطلب الفتن من العوام ، وطمعت المغاربة في نهب القرى وأخذ القوافل ظاهر البلد ، ولم يتمكن القائد أبو محمود المقدم من ضبط أصحابه لأنه لم يكن معه مال ينفقه فيهم ، ولم (٨ و) يقبلوا أمره ولا امتثلوا زجره.
وكان ظالم يأخذ مال السلطان الذي يستخرج من البلد ، وقد عرف ظالم أن الرعية تكره المغاربة [فكثر] في [البلد](١) الفساد وقطع الطريق على الصدّار والورّاد ، وامتنع السفار من المجيء والذهاب ، وعدلوا في ذلك عن نهج الصواب ، ونزح أهل القرى منها إلى البلد ، وخلت من أهلها واستوحش ظاهر البلد وباطنه.
فلما كان يوم الخميس النصف من شوال من السنة جاء قوم من العسكرية ينهب القصّارين من ناحية الميدان (٢) فكثر الصائح في البلد ، وخرج الناس بالسلاح ، وثارث الأحداث ، وخرج أصحاب ظالم ووقع القتال ، وظالم يظهر
__________________
(١) من المقدر أن سقطا قد وقع هنا ، وأضيف ما بين الحواصر كيما يستقيم المعنى.
(٢) كان في دمشق أربعة ميادين هي : ميدان الحصا ، وميدان الشرف الأعلى ، وميدان ابن أتابك ، وميدان القصر. غوطة دمشق : ٩٢.