الأمير سديد الدولة أبو منصور والي دمشق واليا عليها ، في يوم الأحد لخمس بقين من ذي القعدة سنة ثمان وأربعمائة فنزل المزة ، ودخل القصر في غد ذلك اليوم ، فما شعر إلا وكتاب العزل قد وافاه يوم الأحد لخمس خلون من ربيع الآخر من سنة تسع وأربعمائة فبرز من يومه إلى المزة ، وسار من غده.
ووصل كتاب ولي عهد المسلمين عبد الرحمن بن الياس أخي الحاكم ، إلى القائد بدر العطار في يوم السبت لليلة خلت من جمادى الأولى سنة عشر وأربعمائة يأمره بضبط البلد ، ووصل بعد ذلك أبو القاسم عبد الرحمن ، وقيل عبد الرحيم (١) ولي عهد المسلمين ابن الياس بن أحمد بن العزيز بالله إلى دمشق في يوم الثلاثاء لخمس بقين من جمادى الأولى سنة عشر وأربعمائة فنزل في المزة ، فأحسن تلقيه ، وبولغ في إكرامه والإعظام له ، والسرور بمقدمه وكان ذلك يوما مشهودا موصوفا ، ودخل القصر في يوم الإثنين مستهل رجب ، فاقام فيه إلى يوم الأحد لثمان بقين من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة وأربعمائة ، فلم يشعر إلا وقوم قد جردوا إليه من مصر ، فهجموا عليه ، وقتلوا جماعة من أصحابه وساروا به في يوم الجمعة لثلاث بقين من شهر ربيع الأول ، وعاد بعد ذلك إلى دمشق في رجب سنة اثنتي عشرة وأربعمائة ، ونزل في القصر ، وأكثر الناس في التعجب من اختلاف الآراء في تدبير هذه الولايات ، وتنقل الأغراض والأهواء فيها ، ولم يشعروا وهم يتعجبون من هذه الأحوال ، واستمرار الاختلال إلا وقد وصل من مصر المعروف بابن داود المغربي ، على نجيب مسرع ومعه جماعة من الخدم في يوم الأحد في يوم عرفة بسجل إلى ولي عهد المسلمين المذكور ، ودخلوا عليه القصر ، وجرى بينه وبينهم كلام طويل ، إلا أنهم أخرجوه من القصر وضرب وجهه ، وأصبح الناس في يوم العيد لم يصلوا صلاة العيد في المصلى ، ولا في الجامع ، ولا خطب خطيب ،
__________________
(١) وهذا هو الأشهر وربما الأصح.