إليه من التودد والاكرام ، لما يريد الله تعالى من اسعاد جده ، وإظهار سعده ، فارتضى الحاكم مذهبه في الخدمة ، وزاد في واجبه ، وقوده وسيّره مع سديد الدولة ذي الكفايتين الضيف في العسكر إلى الشام في سنة ست وأربعمائة ، ودخل إلى البلد دمشق ، ولقي مولاه القائد دزبر ، فترجل له وقبّل يده ، وصار يتودد إلى الكبير والصغير ، ونزل في دار حيّوس بحضرة زقاق عطاف (١) ، ثم عاد إلى مصر ، وجرد إلى الريف في السيارة ، ثم عاد الى مصر ، ولزم الخدمة بالحضرة ، ولزم بعلبك واليا عليها ، وحسنت حاله فيها ، وانتشر ذكره بها ، وصادق ولاة الأطراف وكاتب عزيز الدولة فاتكا ، والي حلب (٢) وهاداه ، ولقب منتجب الدولة ، وورد الأمر عليه بالمسير إلى الحضرة فلما بلغ العريش وصله النجاب بالسجل بولاية قيسارية ، والأمر بالعود إليها فشق ذلك عليه ، وقال : أنقل من ولاية بعلبك إلى ولاية قيسارية ، وكان من حسن سياسته فيها ، وجميل عشرته لأهلها وحمايته لها ، ما ذاع به ذكره ، وحسن به صيته ، وكثر شكره ، وورد الخبر بقتل فاتك والي حلب سنة اثنتي عشرة وأربعمائة قتله غلام له هنديّ قد رباه واصطفاه ، وتوثق به واجتباه ، وهو نائم عقيب سكره ، بسيفه ، وعمل فيه شاعره المعروف بمفضل بن سعد (٣) قصيدة رثاه بها ، وذكر فيها من بعض أبياتها :
لحمامه المقضي ربّي عبده |
|
ولنحره المفري حدّ حسامه |
__________________
(١) داخل باب الجابية هي الآن حي الخيضرية ـ الخيضرية ـ والدار التي نزل بها كانت دار والد ابن حيوس [أبو الفتيان محمد بن سلطان] أكبر شعراء الشام ومصر في القرن الخامس ، وشاعر الدزبري أثناء ولايته في الشام. انظر ديوان ابن حيوس ، ط. دمشق ١٩٥١ : ١ / ٦ ـ ٧.
(٢) من أشهر ولاة الفاطميين لحلب ، كانت له علاقات جيدة مع أبي العلاء المعري وله صنف : «رسالة الصاهل والشاحج» وكتاب «القائف» اغتيل في بداية عهد الظاهر. انظر زبدة الحلب : ٢ / ٢١٥ ـ ٢٢١.
(٣) من شعراء المعرة اختص بعزيز الدولة حتى عرف به فقيل «العزيزي» ، انظر زبدة الحلب : ١ / ٢١٥ ـ ٢٢٠.