قال أبو بكر الخطيب رحمهالله : ثم خرجت يوم النصف من صفر سنة إحدى وخمسين وأربعمائة من بغداد ، ولم يزل الخليفة في محبسه بالحديثة إلى أن عاد السلطان طغرلبك من ناحية الري إلى بغداد بعد أن ظفر بأخيه ابراهيم ينال وكسره وقتله ، ثم كاتب الأمير قريشا باطلاق الخليفة [واعادته](١) إلى داره.
وذكر أن الفساسيري عزم على ذلك لما بلغه أن طغرلبك متوجه إلى ناحية العراق ، وأطلع الفساسيري أبا منصور عبد الملك بن محمد بن يوسف (٢) على ذلك ، وجعله السفير بينه وبين الخليفة فيه ، وشرط أن يضمن الخليفة للفساسيري صرف طغرلبك عن وجهته.
وكاتب طغرلبك مهارشا في أمر الخليفة وإخراجه من محبسه ، فأخرجه وعبر به الفرات ، وقصد به تكريت في نفر من بني عمه ، وقد بلغه أن طغرلبك بشهر زور فلما قطع الطريق عرف أن طغرلبك قد حصل ببغداد ، فعاد راجعا حتى وصل النهروان ، فأقام الخليفة هناك ، ووجّه طغرلبك مضارب في الحال وفروشا برسم الخليفة ، ثم خرج لتلقيه بنفسه ، وحصل الخليفة في داره ، ونهض طغرلبك في عسكر نحو الفساسيري وهو بسقي الفرات ، فحاربه إلى أن أظفره الله به ، وقتله وحمل رأسه إلى بغداد ، وطيف به فيها ، وعلّق بإزاء دار الخلافة (٣).
__________________
(١) أضيف ما الحاصرتين من رواية ابن العديم.
(٢) في الأصل : «إلى داره ، إلى ناحية العراق ، وجعل السفير بينه وبين طغرلبك في ذلك أبا منصور عبد الملك بن محمد بن يوسف ، وشرط أن يضمن الخليفة».
(٣) زاد ابن العديم في روايته «في اليوم الخامس عشر من ذي الحجة سنة احدى وخمسين».