في يوم الاثنين مستهل جمادى (١) الآخرة ، وضايق القلعة إلى أن عرف وصول الأمير ناصر الدولة بن حمدان في العساكر المصرية لإنجادها ، فخرج منها في رجب سنة اثنتين ونهب حلب بعسكر ناصر الدولة (٢) واتفقت وقعة الفنيدق المشهورة ، وانفلال ناصر الدولة وعوده إلى مصر منهزما مخذولا (٣) فعاد محمود بجمعه إلى حلب وحصل بها ، وأقبل عمه معز الدولة (٤) واستقام أمره فيها.
وفي هذه السنة قصد الأمير عطية فيمن جمعه وحشده مدينة الرحبة ، ولم يزل نازلا عليها ومضايقا لأهلها ومراسلا لهم إلى أن تسهل الأمر فيها ، وسلّمت إليه ، وحصل بها في صفر من السنة.
__________________
(١) في الأصل «يوم الاثنين من جمادى» وهو تصحيف صوابه ما أثبتنا اعتمادا على زبدة الحلب لابن العديم : ١ / ٢٧٦. انظر أيضا كتابي : امارة حلب (بالانكليزية) : ١٥٥ ـ ١٥٦.
(٢) في هذه الرواية شيء من اللبس ، وجاء في زبدة الحلب لابن العديم ومصادر أخرى أن محمود أدخل مدينة حلب وحاصر في قلعتها مكين الدولة ابن ملهم ، ولدى وصول جيش ناصر الدولة انسحب محمود من المدينة ، فنزل مكين الدولة وأصحابه إليها فنهبوها ، ووصل ناصر الدولة إلى حلب وأراد نهبها فقيل له : «أصحاب مكين الدولة قد سبقوك ولم يبق لك ولأصحابك إلّا الاسم بلا فائدة» فامتنع عن النهب ، وانسحب نحو الفنيدق حيث تل السلطان ، وهناك حدثت معركة الفنيدق. انظر زبدة الحلب : ١ / ٢٧٨. امارة حلب : ١٥٧ ـ ١٦٠.
(٣) وقع ناصر الدولة في أسر محمود وظل أسيرا حتى سنة ٤٥٣ حيث أطلق سراحه ثمال بن صالح.
(٤) في الأصل : «وقتل عمه معز الدولة» وهذا خطأ يوحي بحدوث سقط في الخبر ، ذلك أن معز الدولة ثمال بن صالح لم يكن بحلب أثناء سقوطها لمحمود بل كان في مصر ، ومن هناك صرفه المستنصر وفوض إليه حكم حلب ، فأقبل إليها واستطاع انتزاعها من ابن أخيه محمود ، انظر زبدة الحلب : ١ / ٢٨٠ ـ ٢٨٦. امارة حلب : ١٦١ ـ ١٦٢.