إنزال دورهم وإخراجهم منها ، واغتصاب أملاكهم والقبض لها ، واستعمال سوء السيرة وخبث النية والسريرة ، وتواصلت الدعوات عليه من سائر الناس ، وعلى أصحابه وأتباعه في جميع الأوقات ، وأعقاب الصلوات والرغبة إلى الله تعالى ذكره باهلاكه وتعفية آثاره (١).
وفي هذه السنة وردت الأخبار من حلب بأن الأمير نصر بن محمود بن صالح صاحبها ، قتل بها في يوم الأحد عيد الفطر ، قتله قوم من أتراك الحاضر (٢) ، وذاك أنه قبض على مقدمتهم المعروف بالأمير أحمد شاه ، وخرج إليهم لينهبهم ، فرماه أحدهم بسهم فقتله ، وقام في منصبه من بعده أخوه سابق بن محمود بن صالح (٣).
وفي هذه السنة خطب للامام المقتدي بالله أبي القاسم عبد الله بن الذخيرة بن القائم بأمر الله على منبر دمشق ، وقطعت الخطبة المستنصرية (٦٢ و) ، ونظر الملك أتسز بن أوق في أمور دمشق وأحوالها بما يعود بصلاح أعمالها ووفور استغلالها ، وأطلق لفلاحي المرج والغوطة الغلات للزراعات ، وألزمهم الاشتغال بالعمارات والفلاحات ، فصلحت الأحوال وتواصلت من سائر الجهات الغلات ، ورخصت الأسعار ، وتضاعف
__________________
(١) سوغ أتسز مثل بقية التركمان ما أوقعوه بسكان دمشق وسواها من بلاد الشام بمسوغ عقائدي ، على أساس أن التركمان كانوا سنّة ، وكان أهل الشام شيعة ، وعلى العموم كره أهل الشام أتسز كثيرا ، ولعنوه وسموه «أقسيس» ومع ذلك نلاحظ أنه بعد زوال التشيع من دمشق ، تبدلت النظرة إلى أتسز ، فهذا ابن كثير ، وهو من متأخري مؤرخي دمشق قد اعتبره بأنه «كان من خيار الملوك وأجودهم سيرة ، وأصحهم سريرة ، أزال الرفض عن أهل الشام ، وأبطل الأذان بحي على خير العمل ، وأمر بالترضي عن الصحابة أجمعين ، وعمر بدمشق القلعة التي هي معقل الاسلام بالشام المحروس ، فرحمهالله ، وبل بالرحمة ثراه ، وجعل جنة الفردوس مأواه». البداية والنهاية : ١١ / ١١٢ ـ ١١٣. مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٢٦٦ ـ ٢٦٧.
(٢) الحاضر السليماني حيث محلة السليمانية الآن في مدينة حلب.
(٣) انظر حول تفاصيل ذلك كتابي مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ١٦٧ ـ ١٦٩