هزيما بنفسه في نفر يسير من أصحابه ، ووصل الى الرملة وقد قتل أخوه ،
__________________
ومضى أتسز في نفر يسير ، فلما وصل غزة ، ثار أهلها به ، وقتلوا جماعة ممّن كان معه ، فهرب إلى الرملة فخرج إليه أهلها فقاتلوه وقتلوا بعض من كان معه ، فهرب إلى دمشق في بضع عشرة نفسا ، فخرج إليه ولده ومسمار أحد أمراء الكلبيين وكان قد استخلفهما بدمشق في مائتي فارس من العرب ، وكان وصوله في عاشر رجب ، فنزل بظاهرها في مضارب ضربها له مسمار ، وخرج إليه أهل البلد فخدموه وهنأوه بالسلامة وشكوه ، وشكرهم وأطلق لهم خراج تلك السنة ، وأحسن إليهم ووعدهم بالجميل ، فقام واحد منهم من الأعيان ، فقال : أيها الملك العادل ـ وبه كان يخاطب ويخطب له ـ قد حلفت لنا وحلفنا لك ، وتوثقت منّا ، وأنا والله أصدقك وأنصحك ، قال : قل ، قال : قد عرفت أنه لم يبق في البلد عشر العشر من الجوع والفاقة والفقر والضعف ، ولم يبق لنا قوة ومتى غلقت أبواب هذا البلد من عدو قصده ، ورمت منا منعه أو حفظه فإن كنت مقيما بيننا فنحن بين يديك مجتهدون ولك ناصحون ، وإن بعدت عنا فلا طاقة لنا بالقتال مع الفقر والضعف ، فلا تجعل للعدو سببا لهلاكنا ومؤاخذتنا ، فقال : صدقت ونصحت ، وما أبعد عنكم ولا اخليكم من عسكر يكون عندكم ، ثم أقام بدمشق ، وجاءه التركمان من الروم ، ولم يستخدم غيرهم ، وعصى عليه أهل الشام وأعادوا خطبة صاحب مصر في جميع الشام ، وقام بذلك المصامدة والسودان ، وكان أتسز وأصحابه قد تركوا أموالهم وأولادهم بالقدس فوثب القاضي والشهود ، ومن بالقدس على أموالهم ونسائهم ، فنهبوها ، وقسموا التركيات بينهم واستعبدوا الأحرار من الأولاد واسترقّوهم ، فخرج من دمشق فيمن ضوى إليه من التركمان ، ووصل إلى قريب القدس ، وراسلهم وبذل لهم الأمان ، فأجابوه بالقبيح وتوعدوه بالقتال ، فجاء بنفسه إلى تحت السور ، وخاطبهم فسبوه ، وقاتلهم يوما وليلة ، وكان ماله وحرمه في برج داود ، ورام السودان والمصامدة الوصول إليهم فلم يقدروا ، وكان في البرج رتق إلى ظاهر البلد ، فخرج أهله منه إليه ، ودلوه عليه ، فدخل منه ومعه جماعة من العسكر ، وخرجوا من المحراب ، وفتحوا الباب ودخل العسكر ، فقتلوا ثلاثة آلاف إنسان ، واحتمى قوم بالصخرة والجامع ، فقرر عليهم الأموال حيث لم يقتلهم لأجل المكان ، وأخذ من الأموال شيئا لا يبلغه الحصر ، بحيث بيعت الفضة بدمشق كل خمسين درهما بدينار ، مما كان يساوي ثلاثة عشر درهما بدينار ، وقتل القاضي والشهود صبرا بين يديه ، وقرر أمور البلد ، وسار إلى الرملة فلم ير فيها من أهلها أحدا ، فجاء إلى