وأنعامه من ناطق وصامت (١).
__________________
بحي على خير العمل ، وكذا بالمساجد ، وكان ينزل بمكان يقال له الدّكة بين نهري يزيد وتورا ، وقيل هي فوق يزيد قريبا من دير مران ، فجاء أبو محمد الحسن بن أحمد القرمطي الى دمشق ويلقب بالاعصم ، وكان جعفر مريضا ، فخرج فقاتله فقتله القرمطي في ذي القعدة وقيل في شوال.
(١) اصطدم الفاطميون أثناء فتحهم لدمشق بجماعات الأحداث فيها ، الذين شكلوا نوعا من أنواع المليشيات الشعبية البلدية ، وكان محمد بن عصودا من بين زعماء أحداث دمشق الذين تصدوا لجعفر بن فلاح ، وعندما أخفق بالمقاومة غادر دمشق إلى الأحساء حيث استنجد بقرامطتها ، ومن حسن الحظ أن المقريزي حفظ لنا في كتاب المقفى تراجم لجعفر بن فلاح والحسن الاعصم زعيم القرامطة ، وترجمة الأعصم نشرتها في كتابي أخبار القرامطة ، أما ما جاء عن علاقة جعفر ابن فلاح بالقرامطة فهاكم هو : (من مخطوطة مجلد برتو باشا في استانبول : ٣٠١ ـ ٣٠٢).
.... وأما محمد بن عصودا فإنه لما انهزم ، سار الى الأحساء ، هو وظالم بن مرهوب العقيلي ، وحثا القرامطة على المسير الى الشام ، فوافق ذلك منهم الغرض ، لأن الاخشيدية كانت تحمل في كل سنة الى القرامطة مالا ، فلما أخذ جوهر مصر ، انقطع المال عن القرامطة فأخذوا في الجهاز للمسير الى الشام.
وكثرت الأخبار بمسير القرامطة الى الشام ، وأنهم نزلوا على الكوفة ، وكتبوا الى الخليفة ببغداد ، فأنفذ اليهم خزانة سلاح ، وكتب لهم بأربعمائة ألف درهم على أبي تغلب عبد الله بن ناصر الدولة بن حمدان ، من مال الرحبة ، وأنهم ساروا من الكوفة الى الرحبة وأخذوا من ابن حمدان المبلغ ، فكتب جعفر الى غلامه فتوح وهو على أنطاكية يأمره بالرحيل فوافاه الكتاب مستهل شهر رمضان ، فشرع في شد أحماله ، ونظر الناس اليه فجفلوا ورموا خيمهم ، وأراقوا طعامهم ، وأخذوا في السير مجدين الى دمشق ، فلما وافوا جعفر أراد أن يقاتل بهم القرامطة ، فلم يقفوا ، وطلب كل قوم موضعهم ، ولم يبالوا بالموكلين على الطرق.
وعندما نزل القرامطة على الرحبة أكرمهم أبو تغلب ، وبعث الى الحسن بن أحمد بن أبي سعيد الجنابي ، المعروف بالأعصم ، كبيرهم يقول له : هذا شيء أردت أن أسير فيه بنفسي لكني مقيم في هذا الموضع الى أن يرد إلي خبرك ، فإن احتجت الى سيري سرت إليك ، ونادى في عسكره من أراد السير من الجند