خواصه ، واتصل به خبر وصول الأمير قسيم الدولة آق سنقر صاحب حلب ، ومؤيد الدولة ابن صاحب الرها اللذين (١) كانا فارقاه الى السلطان بركيارق ، ودخولهما عليه وإكرامه لهما وحسن موقع وصولهما منه وسروره بمقدمهما عليه ، وأنهما شرعا في الوقوع في ناحية تاج الدولة والتحذير من (٦٨ و) الاهمال لأمره ، والتحريض على معاجلته قبل إعضال خطبه ، وتمكنه من الغلبة على السلطنة والإستيلاء على أعمال المملكة ، وأشارا عليه بالمسير في هذا الوقت ، وطلبا منه من يسير معهما لإيصالهما الى بلديهما حلب والرها ، فسار معهما لإيصالهما إلى الموصل ، وردّ بني عقيل إليهم وقدم عليا بن شرف الدولة مسلم بن قريش عليهم ، ولقبه سعد الدولة ، فوصل قسيم الدولة الى حلب في شوال سنة ست وثمانين وأربعمائة ومعه جماعة من بني عقيل ، وبعض عسكر السلطان بركيارق بحيث وصل الى حلب ، وانتهى الخبر بذاك إلى تاج الدولة ، فنهض في العسكر من ناحية الرحبة إلى الفرات ، وقصد بلد أنطاكية وأقام بها ، وورد عليه الخبر بانكفاء السلطان من الرحبة إلى بغداد ، وأن عزمه أن يشتو بها ، وأقام تاج الدولة بأنطاكية مدة فقلت الأقوات وارتفعت الأسعار ، وخوطب في العود إلى الشام ، فلم يفعل ، وعاد الى دمشق آخر ذي الحجة من السنة ، وفي جملته الأمير وثاب بن محمود بن صالح وبنو كامل وجماعة من العرب لم يجسروا على الإقامة بالشام خوفا من قسيم الدولة صاحب حلب.
وفي هذه السنة خرج من مصر عسكر كبير إلى ثغر صور لما عصى واليها الأمير منير الدولة الجيوشي ، وقد كان أهل صور أنكروا عصيانه ، وكرهوا خلفه لسلطانه أمير الجيوش بدر ، وعرف ذلك من نياتهم ، فحين اشتد القتال عليها نادوا بشعار المستنصر بالله وأمير الجيوش ، فهجم العسكر المصري على
__________________
(١) قبل قليل قال بأن عماد الدولة بوزان نفسه لا ابنه مؤيد الدولة هو الذي ذهب برفقة قسيم الدولة إلى بركيارق.